للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الحَرَجِ عن فاعِلِه دَلِيلٌ على عَدَمِ وُجُوبِه، فإنَّ هذا رُتْبَةُ المُباحِ، وإنَّما تَثْبُتُ سُنَّتُه بقولِه: {مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}. ورُوِىَ أنَّ في مُصْحَفِ أُبَىٍّ، وابنِ مَسْعودٍ: «فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهمَا». وهذا إن لم يَكُنْ قُرْآنًا، فلا يَنْحَطُّ عن رُتْبَةِ الخَبَرِ؛ لأنَّهُما يَرْوِيانِه عن النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولأنَّه نُسُكٌ مَعْدُودٌ لا يَتَعَلَّقُ بالبَيْتِ، فلم يَكنْ رُكْنًا، كالرَّمْى. واخْتارَ القَاضِى أنَّه واجِبٌ وليس برُكْنٍ، لكن يَجِبُ بتَركِه دَمٌ. وهو قولُ الحسنِ، وأبى حنيفةَ، والثَّوْرِىِّ. وهذا أوْلَى؛ لأنَّ دَلِيلَ مَن أوْجَبَه دَلَّ على مُطْلَقِ الوُجُوبِ، لا على أنَّه لا يَتِمُّ الحَجُّ (١) إلَّا به. وقولُ عائشةَ في ذلك مُعارَضٌ بقولِ مَن خالَفَها مِن الصَّحَابَةِ. وحَدِيثُ بِنْتِ أبى تَجْراةَ يَرْوِيه عبدُ اللَّهِ ابنُ المُؤَمَّلِ، وقد تَكَلَّمُوا في حَدِيثه. ثم هو يَدُلُّ على أنَّه مَكْتُوبٌ، وهو الوَاجِبُ. فأمَّا الآيةُ، فإنَّما نَزَلَتْ لَمّا تَحَرَّجَ ناسٌ مِن السَّعْى في الإِسْلامِ، لِما كانُوا يَطُوفُونَ بينَهما في الجَاهِلِيَّةِ لأجْلِ صَنَمَيْنِ كانا على الصَّفَا والمَرْوَةِ. كذلك قالَتْ عائشةُ. وهذا أوْسَطُ الأقْوالِ. وهو اخْتِيارُ شيخِنا (٢).


(١) سقط من: م.
(٢) في: المغنى ٥/ ٢٣٩.