تَفْرِيطٍ، أشْبَهَ مَن أتَمَّ حَجَّه. ولَنا، قولُه تعالى:{فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}. قال الشافعىُّ: لا خِلافَ بينَ أهْلِ التَّفْسِيرِ أنَّ هذه الآيَةَ نزَلَتْ في حَصْرِ الحُدَيْبِيَةِ. ولأنَّه أُبِيحَ له التَّحَلُّلُ قبلَ إتْمامِ نُسُكِه، أشْبَهَ مَن فاتَه الحَجُّ، وبهذا فارَقَ مَن أتَمَّ حَجَّه.
فصل: ولا فَرْقَ بينَ الحَصْرِ العامِّ في حَقِّ كلِّ الحاجِّ، وبينَ الخاصِّ في حَقِّ شَخْصٍ واحِدٍ، مثلَ أن يُحْبسَ (١) بغيرِ حَقٍّ، أو تَأْخُذَه اللُّصُوصُ؛ لعُمُومِ النَّصِّ، ووُجُودِ المَعْنَى في الكلِّ. فأمَّا مَن حُبِسَ بحَقٍّ عليه يُمْكِنُه الخُرُوجُ منه، فلا يَجُوزُ له التَّحَلُّلُ في الحَبْسِ فإن كان عاجِزًا عن أدائِه، فحُبِسَ بغيرِ حَقٍّ، فله التَّحَلُّلُ، كمَن ذَكَرْناه. وإن كانَ عليه دَيْن مُؤَجَّل يَحِلُّ قبلَ تُدُومِ الحاجِّ، فمَنَعَه صاحِبُه مِن الحَجِّ، فله التَّحَلُّلُ؛ لأنَّه مَعْذُورٌ. ولو أحْرَمَ العَبْدُ بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه، أو المَرْأةُ للتَّطَوُّعِ بغيرِ إذْنِ زَوْجِها، فلهما مَنْعُهما، وحُكْمُهُما حُكْمُ المُحْصَرِ.
فصل: فإن أمْكَنَ المُحْصَرَ الوُصُولُ مِن طَرِيقٍ أُخْرَى، لم يُبَحْ لَه التَّحَلُّلُ، ولَزِمَه سُلُوكُها، بَعُدَتْ أو قَرُبَتْ، خَشِىَ الفَواتَ أو لم يَخْشَه، فإن كان مُحْرِمًا بعُمْرَةٍ لم تَفُتْ، وإن كان بحَجٍّ ففاتَه، تَحَلَّلَ بعُمْرَةٍ، وكذا لو لم يَتَحَلَّلِ المُحْصَرُ حتى زالَ الحَصْرُ، لَزِمَه السَّعْىُ وإن كان بعدَ فَواتِ الحَجِّ، ليَتَحَلَّلَ بعُمْرَةٍ. ثم هل يَلْزَمُه القَضاءُ إن فاتَه الحَجُّ؟ فيه