للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

على إحْرامِهِم؛ لأنَّه قد زالَ حَصْرُهم، وإن طَلَب العَدُوُّ خُفارَةً (١) على تَخْلِيَةِ الطَّرِيقِ، وكان مِمَّن لا يُؤْمَنُ بأَمانهِ، لم يَلْزَمْهُم بَذْلُه؛ لأن الخَوْفَ باقٍ مع البَذْلِ، وإن كان مَوْثُوقًا بأمانِه، والخُفارَةُ كَثِيرَةٌ، لم يَجِبْ بَذْلُه، بل يُكْرَهُ إن كان العَدُوُّ كافِرًا؛ لأنَّ فيه صَغارًا وتَقْوِيَةً للكافِرِ، وإن كانَتْ يَسِيرَةً، فقِياسُ المَذْهَبِ وُجُوبُ بَذْلِه، كالزِّيادَةِ في ثَمَنِ الماءِ للوُضُوءِ. وقال بعضُ أصحابِنا: لا يَجِبُ بَذْلُ خُفارَةٍ بحالٍ، وله التَّحَلُّلُ، كما في ابْتِداءِ الحَجِّ لا يَلْزَمُه إذا لم يَجِدْ طَرِيقًا آمِنًا مِن غيرِ خُفارَةٍ.

فصل: متى قَدَرَ المُحْصَرُ على الهَدْى، فليس له التَّحَلُّلُ قبلَ ذَبْحِه. فإن كان معه هَدْىٌ قد ساقَه، أجْزَأه، وإن لم يَكُنْ معه، لَزِمَه شِراؤُه إن أمْكَنَه، ويُجْزِئُه أدْنَى الهَدْى، وهو شَاةٌ، أو سُبْعُ بَدَنَةٍ؛ لقولِه تعالى: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}. وله نَحْرُه في مَوْضِعِ حَصْرِه، مِن حِلٍّ أو حَرَمٍ. نَصَّ عليه أحمدُ. وهو قولُ مالكٍ، والشافعىِّ، إلَّا أن يكونَ قادِرًا على أطْرافِ الحَرَمِ، ففيه وَجْهان؛ أحَدُهما، يَلْزَمُه نَحْرُه فيه؛ لأنَّ الحَرَمَ كلَّه مَنْحَرٌ، وقد قَدَر عليه. والثانِى، يَنْحَرُه في مَوْضِعِه؛ لأنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَحَر هَدْيَه في مَوْضِعِه. وعن أحمدَ، ليس للمُحْصَرِ نَحْرُ هَدْيهِ إلَّا في الحَرَمِ، ويُواطِئُ رجلًا على نَحْرِه في وَقْتٍ يَتَحَلَّلُ فيه. يُرْوَى هذا عن ابنِ مسعودٍ، في مَن لُدِغَ في الطَّرِيقِ.


(١) الخفارة: بالضم: أجرة الخفير.