للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ذلك. وبهذا فارَقَ الوُقُوفَ والرَّمْى، ولأنَّ الأُضْحِيَةَ لا تَسْقُطُ بفَواتِها، بخِلافِ ذلك. فإن ضَلَّتِ الأُضْحِيَةُ التى وَجَبَتْ بإيجَابِه لها، أو سُرِقَتْ بغيرِ تَفْرِيطٍ منه، فلا ضَمانَ عليه؛ لأنَّها أمانَةٌ في يَدِه، فإن عادَتْ بعدَ الوَقْتِ ذَبَحَها، على ما ذَكرنَاه.

فصل: فإن ذَبَحَها قبلَ وَقْتِها، لم تُجْزِئْه، وعليه بَدَلُها إن كانت واجِبَةً بنَذْرٍ أو تَعْيِينٍ؛ لقَوْلِ النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أنْ يُصَلِّى، فَلْيُعِدْ مَكَانَهَا أُخْرَى» (١). ولأنَّها نَسِيكَةٌ واجِبَةٌ ذَبَحَها قبلَ وَقْتِها، فَلَزِمَه بَدَلُها، كالهَدْىِ إذا ذَبَحه قبلَ مَحِلِّه. ويَجِبُ أن يكونَ بَدَلُها مِثلَها أو خَيْرًا منها؛ لأنَّه أتْلَفَها، فإن كانت غيرَ واجِبَةٍ، فهى شاةُ لَحْمٍ، ولا بَدَلَ عليه، إلَّا أن يَشاءَ؛ لأنَّه قَصَد التَّطَوُّعَ فأفْسَدَه، فلم يَجِبْ عليه بَدَلُه, كما لو خَرَج بصَدَقَةِ تَطَوُّعٍ فدَفَعَها إلى غيرِ مُسْتَحِقِّها. فعلى هذا، يُحْمَلُ الحَدِيثُ على النَّدْبِ، أو على ما إذا كانتْ واجِبَةً. والشّاةُ المَذْبُوحَةُ شاةُ لَحْمٍ كما وَصَفَها النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومَعْناه: يَصْنَعُ بها ما شاءَ، كشاةٍ ذَبَحَها للَحْمِها، لا لغيرِ ذلك؛ لأنَّها إن كانت واجِبَةً فقد لَزِمَه إبْدَالُها وذَبْحُ ما يَقُومُ مَقامَها، فخَرَجَتْ هذه عن كَوْنِها واجِبَةً، كالهَدْىِ الواجِبِ إذا عَطِبَ دُونَ مَحِلِّه، وإن كانت تَطَوُّعًا فقد أخْرَجَها بذَبْحِه إيَّاهَا عن القُرْبَةِ، فبَقِيَتْ مُجَرَّدَ شَاةِ لَحْمٍ. ويَحْتَمِلُ أن يكونَ حُكْمُها حُكْمَ الأُضْحِيَةِ،


(١) تقدم تخريجه في صفحة ٣٦٣.