كتاب الشرح الكبير على المقنع - ت التركي

باب الهدى والأضاحى - ١٣٦٤ - مسألة: (وإن عطب الهدى فى الطريق، نحره فى موضعه، وصبغ نعله التى فى عنقه فى دمه، وضرب بها صفحة سنامه؛ ليعرفه الفقراء، فيأخذوه. ولا يأكل منه هو، ولا أحد من أهل رفقته) - ج: 9 - ص: 396

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فَيَأْخُذُوه. وبهذا قال الشافعىُّ، وسعيدُ بنُ جُبَيْرٍ. ورُوِىَ عن ابنِ عُمَرَ، أنَّه أكَلَ من هَدْيه الذى عَطِبَ، ولم يَقْضِ مَكانَه (١). وقال مالكٌ: يُباحُ لرُفْقَتِه ولسائِرِ النَّاس، غيرَ صاحِبِه أو سائِقِه، ولا يَأمُرُ أحَدًا يَأْكُلُ منه، فإن أكَل، أو أمَرَ مَن أكَلَ، أو ادَّخَرَ شَيْئًا مِن لَحْمِه، ضَمِنَه؛ لِما روَى هِشامُ بنُ عُرْوَةَ، عن أبيه، عن ناجِيةَ بنِ كَعْبٍ (٢) صاحِبِ بُدْنِ رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال: يا رسولَ اللَّهِ، كيفَ أصْنَعُ بما عَطِبَ مِن الهَدْى؟ قال: «انْحَرْه، ثُمَّ اغْمِس قَلَائِدَهُ فِى دَمِهِ، ثُمَّ اضْرِبْ بِهَا صَفْحَةَ عُنُقِهِ، ثُمَّ خَلِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ» (٣). فيَدْخُلُ في عُمُومِ قولِه: «خَلِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاس». رُفْقَتُه وغيرُهم. ولَنا، ما روَى ابنُ عباسٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما، أنَّ ذُويْبًا أبا قَبِيصَةَ (٤) حَدَّثَه أنَّ رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان

---

(١) في الأصل: «ضمانه».
(٢) هو ناجية بن كعب بن جندب الخزاعى، روى عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وكان صاحب بدنه، انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب ١٠/ ٣٩٩.
(٣) أخرجه أبو داود، في: باب في الهدى إذا عطب قبل أن يبلغ، من كتاب المناسك. عن أبى داود ١/ ٤٠٨. والترمذى، في: باب ما جاء إذا عطب الهدى ما يصنع به، من أبواب الحج. عارضة الأحوذى ٤/ ١٤٤. واين ماجه، في: باب في الهدى إذا عطب، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠٣٦. والدارمى، في: باب سنة البدنة إذا عطبت، من كتاب المناسك. سنن الدارمى ٢/ ٦٥. والإمام مالك، في: باب العمل في الهدى إذا عطب أو ضل، من كتاب الحج. الموطأ ١/ ٣٨٠. والإمام أحمد، في: المسند ٤/ ٣٣٨.
(٤) هو ذؤيب بن حلحلة، وقيل: ابن حبيب بن حلحلة، كان يسكن قُدَيْدًا، وهو موضع قرب مكة، وله دار بالمدينة، شهد الفتح، وعاش إلى زمن معاوية. أسد الغابة ٢/ ١٨٢.