ولا يَبِيعُ منه شَيْئًا. ولَنا، ما روَى سعيدٌ بإسْنادِه عن ابنِ عباسٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما، أنَّه قال: إذا أهْدَيْتَ هَدْيًا واجِبًا فعَطِبَ، فانْحَرْه، ثم كُلْه إن شِئْتَ، وأهْدِه إن شِئْتَ، وبِعْه إن شِئْتَ وتَقَوَّمْ به في هَدْىٍ آخَرَ. ولأنَّه متى كان له أن يَأْكُلَ ويُطْعِمَ الأغْنِياءَ، كان له بَيْعُه؛ لأنَّه مِلْكُه. والثانيةُ، لا يَرْجِعُ المُعَيَّنُ إلى مِلْكِه؛ لأنَّه قد تَعَلَّقَ به حَقُّ الفُقَراءِ بتَعْيينِه، فلَزِمَ ذَبْحُه، كما لو عَيَّنَه بنَذْرِه ابْتداءً.
فصل: فإن عَيَّنَ مَعِيبًا عَمّا في ذِمَّتِه، لم يُجْزِئْه، ويَلْزَمُه ذَبْحُه على قِياسِ قَوْلِه في الأُضْحِيَةِ، إذا عَيَّنَهَا مَعِيبَةً لَزِمَه ذَبْحُها، ولم يُجْزِئْه. وإن عَيَّنَ صَحِيحًا فهَلَكَ أو تَعَيَّبَ بغَير تَفْرِيطِه، لم يَلْزَمْه أكثرُ مِمّا كان واجِبًا في الذِّمَّةِ؛ لأنَّ الزَّائِدَ لم يَجِبْ في الذِّمَّةِ، وإنَّما تَعَلَّقَ بالعَيْنِ، فسَقَطَ بتَلَفِها، كأصْلِ الهَدْى إذا لم يَجِبْ بغيرِ التَّعْيينِ. وإذا أتْلَفَه، أو تَلِفَ بتَفْرِيطِه، لَزِمَه مثلُ المُعَيَّنِ إن كان زائِدًا عمّا في الذِّمَّة؛ لأنَّ الزَّائِدَ تَعَلَّقَ به حَقُّ اللَّهِ تَعالَى، فإذا فَوَّتَه لَزِمه ضمانُه، كالهَدْى المُعَيَّنِ ابْتِداءً.