أبَوَيْه مُسْلِمٌ، إلَّا بإذْنِ غَرِيمِه، وأبِيهِ، إلَّا أن يَتَعَيَّنَ عليه الجِهادُ، فإنَّه لَا طَاعَةَ لَهُما في تَرْكِ فَرِيضَةٍ) مَن كان عليه دَيْنٌ حالٌّ أو مُؤَجَّلٌ، لم يَجُزْ له الخُروجُ إلى الغَزْوِ إلَّا بإذْنِ غَرِيمِه، إلَّا أنْ يَتْرُكَ وَفاءً، أو يُقِيمَ به كفِيلًا، أو يُوَثِّقَه برَهْنٍ. وبهذا قال الشافعى. ورَخَّصَ مالكٌ في الغَزْوِ لِمَن لا يَقْدِرُ على قَضاءِ دَيْنهِ؛ لأنَّه لا تَتَوَجَّهُ عليه المُطالَبَةُ به ولا حَبْسُه مِن أجْلِه، فلم يُمْنَعْ مِن الغَزْوِ، كما لو لم يَكُنْ عليه دَيْنٌ. ولَنا، أن الجِهادَ تُقْصَدُ منه الشَّهادَة التى تَفُوتُ بها النَّفْسُ، فيَفُوتُ الحَقُّ بفَواتِها، وقد رُوِى أنَّ رَجُلًا جاءَ إلى رسول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: يا رسولَ اللَّهِ، إنْ قُتِلْتُ في سَبِيلِ اللَّهِ صابِرًا مُحْتَسِبًا، يُكَفِّرُ عنى خَطاياىَ؟ قال:«نَعَمْ، إلَّا الدَّيْنَ، فَإنَّ جِبْرِيلَ قَالَ لى ذَلِكَ»(١). وأمَّا إذا تَعَيَّنَ عليه الجِهادُ، فلا إذْنَ لِغَرِيمِه؛
(١) أخرجه مسلم، في: باب من قتل في سبيل اللَّه كفرت خطاياه إلا الدين، من كتاب الإمارة. صحيح مسلم ٣/ ١٥٠١. والترمذى، في: باب في من يستشهد وعليه دين، من أبواب الجهاد. عارضة الأحوذى ٧/ ٢٠٥. والنسائى؛ في: باب من قاتل في سبيل اللَّه تعالى وعليه دين، من كتاب الجهاد. المجتبى ٦/ ٢٨، ٢٩، ٣٠. والدارمى، في: باب في من قاتل في سبيل اللَّه صابرًا محتسبًا، من كتاب الجهاد. سنن الدارمى ٢/ ٢٠٧. والإمام مالك، في: باب الشهداء في سبيل اللَّه، من كتاب الجهاد. الموطأ ٢/ ٤٦١. والإمام أحمد، في: المسند ٣/ ٣٢٥, ٣٥٢, ٣٧٣, ٥/ ٢٩٧, ٣٠٤, ٣٠٨.