للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أذِنَا لكَ فَجَاهِدْ، وإلَّا فَبِرَّهُمَا». رَواهُنَّ أبو داودَ (١). ولأنَّ بِرَّ الوالدَيْن فَرْضُ عَيْنٍ، والجِهادَ فَرْضُ كِفايَةٍ، وفرضُ العَيْنِ يُقَدَّمُ. وكذلك إن كان أحَدُهما مُسْلِمًا، لم يُجاهِدْ بغيرِ إذْنهِ؛ لأنَّ بِرَّه فَرْضُ عَيْنٍ، فقُدِّمَ على الجِهادِ، كالأبَوَيْن. فأمَّا إن كانَا غيرَ مُسْلِمَيْن، فلا إذْنَ لهما. وهذا قولُ الشافعىِّ. وقال الثَّوْرِىُّ: لا يَغْزُو إلَّا بإذْنِهما؛ لعُمُومِ الأخْبارِ. ولَنا، أنَّ أصحابَ النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كانُوا يُجاهِدُونَ، وفيهم مَن أبَواه كافِرانِ، ولم يَسْتَأذِنْهُما؛ منهم أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ، وأبو حُذَيْفَةَ بنُ عُتْبَةَ، كان مع النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يومَ بَدْرٍ، وأبوه رئيسُ المُشْرِكِين يوْمَئِذٍ، وأبو عُبَيْدَةَ، قَتَل أباه في الجهادِ، فأنْزَلَ اللَّهُ تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (٢) الآية. وهذا يَخُصُّ عُمُومَ الأخْبارِ. فإن كانا رَقِيقَيْن،


(١) في: باب في الرجل يغزو وأبواه كارهان، من كتاب الجهاد. سنن أبى داود ٢/ ١٦، ١٧.
كما أخرج حديث عبد اللَّه بن عمرو بلفظ: «ففيهما فجاهد» البخارى، في: باب الجهاد بإذن الأبوين، من كتاب الجهاد، وفى: باب لا يجاهد إلا بإذن الأبوين، من كتاب الأدب. صحيح البخارى ٤/ ٧١، ٨/ ٣. ومسلم، في: باب بر الوالدين وأنهما أحق به، من كتاب البر والصلة والآداب. صحيح مسلم ٤/ ١٩٧٥. والنسائى، في: باب الرخصة في التخلف لمن له والدان، من كتاب الجهاد. المجتبى ٦/ ١٠. والإمام أحمد، في: المسند ٢/ ١٦٥، ١٨٨، ١٩٣، ١٩٧، ٢٢١.
وبلفظ: «ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما» النسائى، في: باب في البيعة على الهجرة، من كتاب البيعة. المجتبى ٧/ ١٢٩. وابن ماجه، في: باب الرجل يغزو وله أبوان، من كتاب الجهاد، سنن ابن ماجه ٢/ ٩٣٠. والإمام أحمد، في: المسند ٢/ ١٦٠، ١٩٤، ١٩٨، ٢٠٤.
وأخرج حديث أبى سعيد، الإمام أحمد، في: المسند ٣/ ٧٥، ٧٦.
(٢) سورة المجادلة ٢٢. وانظر: تفسير القرطبى ١٧/ ٣٠٧.