فصل: فإن خَرَج في جِهادِ تَطَوُّعٍ بإذْنِهما، فمَنَعاه منه بعدَ سَيْرِه وقبلَ تَعَيُّنه عليه، فعليه الرجُوعُ؛ لأنَّه معنًى لو وُجِدَ في الابتدَاءِ مَنَع، فمَنَعَ إذا وُجِدَ في أثْنائِه، كسائِرِ المَوانِعِ، إلَّا أن يَخافَ على نفْسِه في الرُّجُوعِ، أو يَحْدُثَ له عُذْرٌ مِن مَرَضٍ أو نحوِه، فإن أمْكَنَه الإِقامَةُ في الطرِيقِ، وإلَّا مَضَى مع الجَيْشِ وإذا حَضَر الصَّفَّ تَعَيَّنَ عليه؛ لحُضُورِه، وسَقَط إذْنُهما. وإن كان رُجُوعُهما عن الإِذْنِ بعدَ تَعَيُّن الجِهادِ عليه، لم يُؤَثِّرْ شيئًا. وإن كانا كافِرَيْن، فأسْلَما ومَنَعَاه، كان كمَنْعِهما بعدَ إذْنِهما، سواءٌ. وحُكْمُ الغَرِيمِ يأذَنُ في الجِهادِ ثم يَمْنَعُ منه، حُكْمُ الوالدِ على ما فَصَّلْناه. فأمَّا إن حَدَث للإِنْسانِ في نفْسِه مَرَضٌ أو عَمًى أو عَرَجٌ، فله الانْصِرافُ، سواءٌ الْتَقَى الصَّفَّانِ أوْ لا؛ لأنَّه لا يُمْكِنُه القِتالُ، فلا فائِدَةَ في مُقامِه.
فصل: فإن أذِنَ له والداه في الجِهادِ، وشَرَطا عليه أن لا يُقاتِلَ، فحَضَرَ القِتالَ، تَعَيَّنَ عليه، وسَقَط شَرْطُهما. كذلك قال الأوْزَاعِىُّ، وابنُ المُنْذِرِ؛ لأنَّه صارَ واجِبًا عليه، فلم يَبْقَ لهما في تَرْكِه طاعةٌ. ولو خَرَج بغيرِ إذْنِهما، فحَضَرَ القِتالَ، ثم بَدا له الرجُوعُ، لم يَجُزْ له ذلك (١).