للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والخبرُ عامٌّ، فلا يجوزُ التَقْيِيدُ والتَّخْصِيصُ إلَّا بدليلٍ. وإنَّما يَجِبُ الثَّباتُ، بشَرْطَيْن، أحدُهما، أن لا يزيدَ الكُفَّارُ على ضِعْفِ المُسْلِمِين، فإنْ زادُوا، جازَ الفِرارُ، لقولِ اللَّهِ تعالى: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} (١). وهذا وإن كان لفظُه لَفْظَ الخبرِ، فهو أمْرٌ، بدَلِيلِ قولِه: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ}. ولو كان خَبرًا على حَقِيقَتِه، لم يكُنْ رَدُّنا مِن غَلَبَةِ الواحِدِ للعشرةِ إلى غَلَبَةِ الاثْنَيْن تَخْفِيفًا، ولأنَّ خَبَرَ اللَّهِ تعالى صِدْقٌ لا يَقعُ بخِلافِ مُخْبِرِه، وقد عُلِمَ أنَّ الظَّفَرَ والغَلَبَةَ لا يَحْصُلُ للمُسْلِمِين في كل مَوْطِن يَكُونُ العَدُوُّ فيه ضِعْفَ المسلمين فما دُونَ، فعُلِمَ أنَّه أمْرٌ وفَرْضٌ، ولم يَأْتِ شئٌ يَنْسَخُ هذه الآيةَ في كتابٍ ولا سُنَّةٍ، فوَجَبَ الحُكْمُ بها. قال ابنُ عباسٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما: نَزَلَتْ: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ}. فشَقَّ ذلك على المسلمين حينَ فُرِضَ عليهم أن لا يَفِرَّ واحدٌ مِن عشرةٍ، ثم جاء تَخْفِيفٌ، فقال: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ}. إلى قولِه: {يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} فلمَّا خَفَّف اللَّهُ عنهم مِن العَدَدِ، نقَصَ مِن


(١) سورة الأنفال ٦٦.