وهَزِيمَتِهم. وقد رُوِى أنَّ حَنْظَلَةَ بنَ الرّاهِبِ، عَقَر فَرَسَ أبى سفيانَ به يومَ أُحُدٍ، فرمَتْ به، فخَلَّصَه ابنُ شَعُوب (١). وليس في هذا خِلافٌ.
فصل: فأمَّا عَقْرُها للأَكْلِ، فإن كانتِ الحاجَةُ داعِيَةً إليه، ولا بُدَّ منه، فمباحٌ؛ لأنَّ الحاجَةَ تُبِيحُ مالَ المَعْصُومِ، فمالُ الكُفَّارِ أوْلَى. وإن لم تكُنِ الحاجَةُ داعِيَةً، وكان الحيوانُ لا يُرادُ إلَّا للأكلِ، كالدَّجاجِ والحَمامِ وسائِرِ الطَّيْرِ والصُّيُودِ، فحكمُه حُكْمُ الطَّعامِ، في قولِ الجميعِ؛ لأنَّه لا يُرادُ لغيرِ الأَكْلِ، وتَقِلُّ قِيمَتُه، فأشْبَهَ الطَّعامَ. وإن كان ممّا يُحْتاجُ إليه في القِتالِ، كالخيلِ، لم يَجُزْ ذَبْحُه للأَكْلِ، في قولِهم جميعًا. وإن كان غيرَ ذلك، كالبَقَرِ والغَنَمِ، لم يُبَحْ. وهذا ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وقال القاضى: ظاهِرُ كلامِ أحمدَ إباحَتُه؛ لأنَّ هذا الحيوانَ في بابِ الأكْلِ مثلُ الطَّعامِ، فكانَ مِثْلَه في إباحَتِه، كالطَّيْرِ. وإذا ذَبَح الحيوانَ، أكَل لَحْمَه، وليس له الانْتِفاعُ بجِلْدِه؛ لأنَّه إنَّما أبِيحَ له ما يأكُلُه دُونَ غيرِه. قال عبدُ الرحمن بنُ مُعاذٍ: كُلوا لحمَ الشاةِ، ورُدُّوا إهابَها
(١) هو الأسود بن شعوب. وذكر القصة الواقدى، في: المغازى ١/ ٢٧٣. وذكر ابن حجر في: تلخيص الحبير ٤/ ١١٢، أن البيهقى ذكرها من طريق الشافعى بغير إسناد.