للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بالمسلمين. الثالثُ، ما عَدا هذَيْن القِسْمَيْن، ممّا لا ضَرَرَ فيه بالمسلمين، ولا نَفْعٌ سِوَى غَيْظِ الكُفّارِ، والإِضْرارِ بهم، ففيه رِوايتان؛ إحْداهما، لا يجوزُ؛ لحديثِ أبى بكرٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، ووَصِيَّتِه (١)، وقد رُوِى نحوُ ذلك مَرْفُوعًا إلى النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولأنَّ فيه إتْلافًا مَحْضًا، فلم يَجُزْ، كعَقْرِ الحيوانِ. وبه قال الأوْزَاعِىُّ، واللَّيْثُ، وأبو ثَوْرٍ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يجوزُ. وبه قال مالكٌ، والشافعىُّ، وإسْحاقُ، وابنُ المُنْذِرِ. قال إسْحاقُ: التَّحْرِيقُ سُنَّةٌ، إذا كان أنْكَى في العَدُوِّ، ولقولِ اللَّهِ تعالى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} (٢). وروَى ابنُ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما، أنَّ رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَرَّقَ نَخْلَ بَنِى النَّضِيرِ، وقَطَعَ، وهى البُوَيْرَةُ، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعالَى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ}. ولها يقولُ حَسّان (٣):

وَهانَ على سَراةِ بَنِى لُؤَىٍّ ... حَرِيق بالبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ


(١) تقدم تخريجه في صفحة ٢٥.
(٢) سورة الحشر ٥.
(٣) البيت له، في سيرة ابن هشام ٣/ ٢٧٢، وفتوح البلدان ١/ ١٩، ومعجم ما استعجم ١/ ٢٨٥، ومعجم البلدان ١/ ٧٦٥. وهو بغير نسبة في: اللسان والتاج (ط ى ر). وانظر حاشية الديوان ٢٥٣.