عليه. وبه قال الشافعىُّ. وقال الأوْزَاعِىُّ: إن قَتَلَه قبلَ أن يَأْتِىَ به الإِمامَ، لم يَضْمَنْه، وإن قَتَلَه بعدَ ذلك، ضَمِنَه؛ لأنَّه أتْلَفَ مِن الغَنِيمَةِ ما لَه قِيمِةٌ، فضَمِنَه بقِيمَتِه، كما لو قَتَلَ امرأةً. ولنَا، أنَّ عبدَ الرحمنِ بنَ عَوْفٍ أَسَرَ أُمَيَّةَ بنَ خَلَفٍ وابنَه عليًّا يومَ بَدْرٍ، فرآهما بلالٌ، فاسْتَصْرَخَ الأنْصارَ عليهما حتَّى قَتَلُوهما، ولم يَغْرَمُوا شيئًا (١). ولأنَّه أتْلَفَ ما ليس بمالٍ، فلم يَغْرَمْه، كما لو أتْلَفَه قبلَ أن يَأْتِىَ به الإِمامَ، ولأنَّه أتْلَفَ ما لا قِيمَةَ له قبلَ أن يَأْتِىَ به الإِمامَ، فلم يَغْرَمْه، كما لو أتْلَفَ كَلْبًا، فأمَّا إن قَتَل امرأةً أو صَبِيًّا، ضَمِنَه؛ لأنه صارَ رَقِيقًا بنَفْسِ السَّبْى.
فصل: ومَن أمَرَ أسِيرًا، فادَّعى أنَّه كان مسلمًا، لم يُقْبَلْ قولُه إلَّا بِبَيِّنةٍ؛ لأنَّه يَدَّعِى أمْرًا الظَّاهِرُ خلافُه، يتَعَلَّقُ به إسْقاطُ حَقٍّ تَعَلَّقَ برَقَبَتِه. فإنْ شَهِدَ له واحدٌ، حَلَف معه، وخُلِّىَ سَبِيلُه. وقال الشافعىُّ: لا تُقْبَلُ إلَّا شَهَادَةُ عَدْلَيْن؛ لأنَّه ليس بمالٍ، ولا يُقْصَدُ منه المالُ. ولَنا، ما روَى
(١) أخرجه البخارى بمعناه، في: باب قتل أبى جهل، من كتاب المغازى. صحيح البخارى ٥/ ٩٦. وذكر الواقدى خبرهما بتمامه، في: المغازى ١/ ٨٢ - ٨٤.