للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

للغانِمينَ، حُكْمُه حُكْمُ الغنيمةِ، لا نعلمُ في هذا خِلافًا، فإنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَسَم فِداءَ أُسارَى بَدْرٍ بينَ الغانِمين (١). ولأنَّه مالٌ غَنِمَه المسلمون، أشْبَهَ الخيلَ والسِّلاحَ. فإن قِيلَ: فالأسِيرُ لم يكُنْ للغانِمين فيه حَقٌّ، فكيفَ تَعَلَّقَ حَقُّهم ببَدَلِه؟ قُلْنا: إنَّما يَفْعْلُ الإِمامُ في الأسيرِ ما يَرَى فيه المصْلَحَةَ؛ لأنَّه لم يَصِرْ مالًا، فإذا صارَ مالًا، تَعَلَّقَ حَقُّ الغانِمين به؛ لأنَّهم أسَرُوه وقَهَرُوه، وهذا غيرُ مُمْتَنِعٍ، ألا تَرَى أنَّ مَن عليه دَيْنٌ، إذ، قُتِلَ قَتْلًا يُوجِبُ القِصاصَ، كان لوَرَثَتِه الخيارُ بينَ القَتْلِ والعَفْوِ إلى الدِّيَةِ، فإذا اخْتارُوا الدِّيَةَ تَعَلَّقَ حَقُّ الغُرماءِ بها.

فصل: فإن سأَلَ الأُسارَى مِن أهْلِ الكتابِ تخْلِيَتَهم على إعْطاءِ الجِزْيَةِ، لم يَجُزْ ذلك في صِبْيانِهم ونِسائِهم؛ لأنَّهم صارُوا غَنِيمَةً بالسَّبْى، ويَجُوزُ في الرِّجالِ، ولا يزولُ التَّخْيِيرُ الثابِتُ فيهم وقال أصحابُ الشافعىِّ: يَحْرُمُ قَتْلُهم، كما لو أسْلَمُوا. ولَنا، أنَّه بَدلٌ [لا تَلْزَمُ] (٢) الإِجابَةُ إليه، فلم يَحْرُمْ قَتْلُهم، كبَدَلِ عَبَدَةِ الأوْثَانِ.


(١) انظر ما تقدم في فداء أسارى بدر في صفحة ٨٤.
(٢) في م: «تجوز».