دَمَهُ ومالَه وأوْلادَه الصِّغارَ) متى أسْلَمَ أهْلُ الحِصْنِ أو بعْضُهم، أحْرَزَ دَمَه ومالَه وأوْلادَه الصِّغارَ، كما ذَكَر؛ لقولِ النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في الحديثِ المذْكُورِ:«فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّى دِمَاءَهُمْ وأمْوَالَهُمْ إلَّا بحَقِّهَا». ويُحْرِزُ أولادَه الصِّغارَ مِن السَّبْى؛ لأنَّهم تَبَعٌ له، ولذلك يُحكَمُ بإسْلامِهم تَبَعًا لإِسْلامِه. وكذلك كلُّ مَن أسْلَمَ في دارِ الحرْبِ. وإن دَخَل دارَ الإِسْلامِ فأسْلَمَ، وله أوْلادٌ صِغارٌ في دارِ الحَرْبِ، صارُوا مُسْلِمِين، ولم يَجُزْ سَبْيُهم. وبه قال مالكٌ، والشافعىُّ، والأوْزَاعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: ما كان في يَدِه مِن مالِه ورَقِيقِه ومَتاعِه ووَلَدِه الصِّغارِ، تُرِكَ له، وما كان مِن أوْلادِه وأمْوالِه بدارِ الحَرْبِ، جازَ سَبْيُهم؛ لأنَّهم لم يَثْبُتْ إسْلامُهم بإسْلامِه، لاخْتِلافِ الدّارَيْن بينَهم، ولهذا إذا سُبِىَ الطِّفْلُ، وأبواه في دارِ الكُفْرِ، لم يَتْبَعْهُما وتَبعَ سابِيَه في الإِسْلامِ، وما كان مِن أرضٍ أو دارٍ، فهو فَىْءٌ، وكذلك زوْجَتُه إذا كانتْ كافِرَةَ، وما في (١) بَطْنِها فَىْءٌ. ولَنا، أنَّ أوْلادَه أوْلادُ مُسْلمٍ، فوَجَبَ أن يَتْبَعُوه في الإِسْلامِ، كما لو كانوا معه في الدَّارِ، ولأنَّ مالَه مالُ مُسْلمٍ، ولا يَجُوزُ اغْتِنامُه، كما لو كان في دارِ الإِسْلامِ، وبذلك يُفارِقُ مالَ الحَرْبِىِّ وأولادَه. وما ذَكَرَه أبو حنيفةَ لا يَلْزَمُ، فإنَّا نَجْعَلُه تَبَعًا للسَّابِى؛ لأنَّا لا نَعْلَمُ بقاءَ أَبَوَيْه. فأمّا أوْلادُه الكِبارُ، فلا يَعْصِمُهم؛ لأنَّهم لا يَتْبَعُونَه، ولا يَعْصِمُ زوْجتَه؛ لذلك، فإن سُبِيَتْ صارَتْ رَقِيقَةً، ولم ينْفَسِخْ نِكاحُه برِقِّها، ولكنْ يَكونُ حُكْمُها في النِّكاحِ وفَسْخِه