للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

على حُكْمِ حاكمٍ، جازَ؛ لأنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَمّا حاصَرَ بنى قُرَيْظَةَ، ورَضُوا بأن ينْزِلُوا على حُكْمِ سعدِ بنِ مُعاذٍ، فأجابَهُم إلى ذلك (١). والكلامُ فيه في فصْلَيْن؛ أحدُهُما، في صِفَةِ الحاكِمِ. والثانِى، في صِفَةِ الحُكْمِ. فأمّا الحاكِمُ، فيَتَعَيَّنُ فيه سبعةُ أوْصافٍ؛ الإِسْلامُ، والحُرِّيَّةُ، والذّكُورِيَّةُ، والعَقْلُ، والبُلُوغُ، والعَدَالَةُ، والاجْتِهادُ، كما يُشْتَرَطُ في حاكِمِ المسلمين. ولا يُشْتَرَطُ البَصَرُ؛ لأنَّ عَدَمَه لا يَضُرُّ في مسألتِنا؛ لأنَّ المقْصُودَ رَأْيُهُ، ومَعْرِفَتُه المَصْلَحَةَ في أحَدِ أقْسامِ الحُكْمِ، وهذا لا يَضُرُّ عَدَمُ البَصَرِ فيه، بخِلافِ القَضاءِ، فإِنَّه لا يَسْتَغْنِى عن البَصَرِ، ليَعْرِفَ المُدَّعِىَ مِن المُدَّعَى عليه، والشاهِدَ مِن المشْهُودِ عليه، والمُقِرَّ مِن المُقَرِّ له. ويُعْتَبَرُ مِن الفِقْهِ ما يَتَعَلَّقُ به هذا الحُكْمُ، ممّا يَجُوزُ فيه، ويُعْتَبَرُ له، ونحوِ (٢) ذلك، ولا يُحْتاجُ أن يَكُونَ مُجْتَهِدًا في جميعِ الأحْكامِ التى لا تَعَلُّقَ لها بهذا، وقد حُكِّمَ سعدُ بنُ مُعاذٍ، ولم يثْبُتْ أنَّه كان عالِمًا بجميعَ الأحْكامِ، فإن حَكَّم رَجُلَيْن، جازَ، ويكونُ الحُكْمُ ما اجْتَمَعا عليه. وإن جَعَلُوا الحُكْمَ إلى رَجُلٍ يُعَيِّنُه الإِمامُ، جازَ؛ لأنَّه لا يَخْتارُ إلَّا مَن يَصْلُحُ. وإن نَزَلُوا على حُكْمِ رَجُلٍ منهم، أو جَعَلُوا التَّعْيِينَ إليهم، لم يَجُزْ؛ لأنَّهم ربَّما اخْتارُوا مَن لا يَصْلُحُ، وإن عَيَنوا رَجُلًا يصْلُحُ، فرَضِيَه الإِمامُ، جازَ؛ لأنَّ بَنى قُرَيْظَةَ عيَّنُوا سعدَ بنَ مُعاذٍ، فرَضِيَه النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأجازَ حُكْمَه، وقال:


(١) تقدم تخريجه في صفحة ٨٤.
(٢) في النسح: «يجوز». خطأ، وانظر: المغنى ١٣/ ١٨٢.