لأنَّ حَقَّ صاحِبِ الجُعْلِ سابِقٌ، ولا يُمْكِنُ الجَمْعُ بينَه وبينَ الصُّلْحِ. ونحوُ هذا مَذْهَبُ الشافعىِّ. ولصاحِبِ القَلْعَةِ أن يُحَصِّنَها مثلَما كانتْ مِن غيرِ زيادَةٍ (ويَحْتَمِلُ أن لا يَكُونَ له إلَّا قِيمَتُها) ويَمْضِىَ الصُّلْحُ؛ لأنَّه تَعَذَّرَ دَفْعُها إليه مع بَقائِها، فدُفِعَتْ إليه القِيمَةُ، كما لو أسْلَمَتْ قبلَ الفَتْحِ. قولُهم: إنَّ حَقَّ صاحِبِ الجُعْلِ سابِقٌ. قُلْنا: إلَّا أنَّ المَفْسَدَةَ في فَسْخِ الصُّلْحِ أعْظَمُ؛ لأنَّ ضَرَرَه يَعُودُ على الجَيْشِ كلِّه، ورُبَّما تَعَدَّى إلى غيرِه مِن المسلمين في كوْنِ هذه القَلْعَةِ يَتَعَذَّرُ فَتْحُها بعدَ ذلك، ويَبْقَى ضَرَرُها على المسلمين، ولا يجوزُ تَحَمُّلُ هذه المَضَرَّةِ لدَفْعِ ضَرَرٍ يَسِيرٍ عن واحدٍ، فإنَّ ضَرَرَ صاحِبِ الجُعْلِ إنَّما هو في فَواتِ عَيْنِ الجُعْلِ،
= من كتاب المغازى. صحيح البخارى ٣/ ٢٤٦، ٢٤٧، ٥/ ١٦١، ١٦٢. وأبو داود، في: باب في صلح العدو، من كتاب الجهاد. سنن أبى داود ٢/ ٧٧، ٧٨. والبيهقى، في: باب نقض الصلح فيما لا يجوز. . .، من كتاب الجزية. السنن الكبرى ٩/ ٢٢٨. وانظر: الدر المنثور ٦/ ٢٠٥، ٢٠٦.