للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

{وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً} (١). كأنَّه سألَ اللَّهَ ولدًا، فأعْطاه ما سألَ وزادَه ولدَ الوَلَدِ، والمُرادُ بالبَدْأةِ هُنا، ابْتداءُ دُخُولِ دارِ الحَرْبِ، والرَّجْعَةِ، رُجُوعُه عنها. والنَّفَلُ في الغَزْوِ ينْقَسِمُ ثلاثةَ أقسامٍ؛ أحدُها، هذا؛ وهو أنَّ الإمامَ أو نائِبَه إذا دَخَل دارَ الحَرْبِ غازيًا، بَعَث بينَ يدَيْه سَرِيَّةً تُغِيرُ على العَدُوِّ، ويَجْعَلُ لهم الرُّبْعَ بعدَ الخُمْسِ، فما قَدِمَتْ به السَّرِيَّةُ أخْرَجَ خُمْسَه، ثم أعْطَى السَّرِيَّةَ ما جَعَلَ لهم، وهو رُبْعُ الباقى، ثم قَسَم ما بَقِىَ في الجَيْشِ والسَّرِيَّةِ معًا. فإذا قَفَل، بَعَث سَرِيَّة تُغِيرُ، وجَعَل لهم الثُّلُثَ بعدَ الخُمْسِ، فما قَدِمَتْ به السَّرِيَّةُ أخْرَجَ خُمْسَه، ثم أعْطَى السَّرِيَّةَ ثُلُثَ ما بَقِىَ، ثم قَسَم سائِرَه في الجَيْشِ والسَّريَّةِ معه. وبهذا قال حبيبُ بنُ مَسْلَمَةَ (٢)، والحسنُ، والأوْزَاعِىُّ، وجماعةٌ مِن أهْلِ العِلْمِ. ورُوِىَ عن عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، أنَّه لا نَفَلَ بعدَ رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ولَعَلَّه احْتَجَّ بقولِه تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} (٣). فخَصَّه بها، وكان ابنُ المُسَيَّبِ، ومالكٌ يقولان: لا نَفَلَ إلَّا مِن الخُمْسِ. وقال الشافعىُّ: يُخْرَجُ مِن خُمْسِ الخُمْسِ؛ لِما


(١) سورة الأنبياء ٧٢.
(٢) حبيب بن مسلمة بن مالك الفهرى القرشى، أبو عبد الرحمن، له صحبة ورواية يسيرة، كان في غزوة تبوك ابن إحدى عشرة سنة، وجاهد في خلافة أبى بكر، وشهد اليرموك أميرًا، وكان ذا نكاية قوية في العدو. توفى سنة اثنتين وأربعين، وكان واليًّا على أرمينية لمعاوية. سير أعلام النبلاء ٣/ ١٨٨، ١٨٩.
(٣) سورة الأنفال ١.