للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الخُرُوجُ إليهم، إذا احْتِيجَ إليهم، ولا يجوزُ لأحَدٍ التَّخَلفُ إلَّا مَن يُحْتاجُ إلى تَخَلُّفِه لحِفْظِ المَكانِ والأهْلِ والمالِ، ومَن يَمْنَعُه الأمِيرُ الخروجَ، ومَن لا قُدْرَةَ له على الخروجِ؛ لقولِ اللَّهِ تعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} (١). وقولِ النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: «إذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا» (٢). وقد ذَمَّ اللَّهُ تعالى الذين أرادُوا الرُّجُوعَ إلى منازِلِهم يومَ الأحْزابِ، فقال: {وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا} (٣). ولأنَّهم يصِيرُ الجِهادُ عليهم فَرْضَ عَيْنٍ إذا جاءَ العَدُوُّ، فلا يجُوزُ لأحَدٍ التُّخَلُّفُ عنه. إذا ثَبَت هذا، فإنَّهم لا يخْرُجُونَ إلَّا بإذْنِ الأميرِ؛ لأنَّ أمْرَ الحَرْبِ مَوْكُولٌ إليه، وهو أعلمُ بكَثْرةِ العَدُوِّ وقِلَّتِهم، ومَكامِنِهم وكَيْدِهم، فيَنْبَغِى أن يُرْجَعَ إلى رَأْيِه؛ لأنَّه أحْوَطُ للمسلمين، إلَّا أن يَتَعَذَّرَ اسْتِئْذانُه، لمُفاجَأةِ عَدُوهم، فلا يجبُ اسْتِئْذانُه حينَئِذٍ؛ لأنَّ المَصْلَحَةَ تَتَعَيَّنُ في قِتالِهم والخُرُوجِ إليهم، لِتَعَيُّنِ الفَسادِ في تَرْكِهم، ولذلك لَمّا أغارَ الكُفّارُ على لِقاحِ النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فصادَفَهم سَلَمَةُ بنُ الأكْوَعِ خارجًا مِن المدينةِ، تَبِعَهم، فقاتَلَهم مِن غيرِ إذْنٍ، فمَدَحَه النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقال: «خَيْرُ رَجَّالَتِنا (٤) سَلَمَةُ بنُ الأكْوَعِ». وأعْطاهُ سهمَ فارِسٍ


(١) سورة التوبة ٤١.
(٢) تقدم تخريجه في صفحة ٨.
(٣) سورة الأحزاب ١٣.
(٤) في م: «رجالنا».