والأوْزَاعِىُّ، والشافعىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال أصحابُ الرَّأْى: لا يُقْسَمُ إلَّا في دارِ الإِسْلامِ؛ لأنَّ المِلْكَ لا يَتِمُّ عليها إلَّا بالاسْتِيلاءِ التَّامِّ، ولا يحْصُلُ إلَّا بإحْرازِها في دارِ الإِسْلامِ. فإن قُسِمَتْ أساءَ قاسِمُها، وجازَتْ قِسْمَتُه؛ لأنَّها مَسْألةٌ مُجْتَهَدٌ فيها، فإذا حَكَم فيها الإِمامُ بما يُوافِقُ قولَ بعضِ المُجْتَهِدِين، نَفَذ حُكْمُه. ولَنا، ما روَى أبو إسْحاقَ الفَزارِىُّ، قال: قلتُ للأوْزَاعِىِّ: هل قَسَم رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- شيئًا مِن الغنائِمِ بالمدينةِ؟ قال: لا أعْلَمُه، إنَّما كان الناسُ يبْتَغُون غَنائِمَهم، ويقْسِمُونَها في أرْضِ عَدُوِّهم، ولم يَقْفِلْ رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن غَزاةٍ قَطُّ أصابَ فيها غَنِيمَةً إلَّا خَمَّسَه وقَسَمَه مِن قبلِ أن يَقْفِلَ؛ مِن ذلك غَزْوَةُ بنى المُصْطَلِقِ، وهوازِنَ، وخَيْبَرَ. ولأنَّ كلَّ دارٍ صَحَّتِ القِسْمَةُ فيها، جازَتْ، كدارِ الإِسْلامِ، ولأنَّ المِلْكَ ثَبَت فيها بالقَهْرِ بما ذَكَرْنا مِن الأدِلَّةِ، فصَحَّتْ قِسْمَتُها، كما لو أُحْرِزَتْ بدارِ الإِسْلامِ. وبهذا يحْصُلُ الجوابُ عمّا ذَكَرُوه.