الخُمسَ لا يَسْقُطُ ههُنا، لدُخُولِه في عُمُومِ الآيةِ، وليس هو في معنى السَّلَبِ والنَّفَلِ، لأنَّ تَرْكَ تَخْمِيسِها لا يُسْقِطُ خُمْسَ الغَنِيمَةِ بالكُلِّيَّةِ، وهذا يُسْقِطُه بالكُلِّيَّةِ، فلا يكونُ تَخْصِيصًا للآيةِ بل نَسْخًا لحُكْمِها، ونَسْخُها بالقِياسِ غيرُ جائزٍ اتِّفاقًا. ومنها، إن دَخَل قَوْمٌ لا مَنَعَةَ لهم دارَ الحَرْبِ، فغَنِمُوا بغيرِ إذْنِ الإِمامِ. وقد ذَكَرْناه.
فصل: والخُمْسُ مَقْسُومٌ على خَمْسةِ أسْهُمٍ كما ذَكَرْنا ههُنا. وبه قال عَطاءٌ، ومُجاهدٌ، والشَّعْبِىُّ، والنَّخَعِىُّ، وقتادَةُ، وابنُ جُرَيْجٍ، والشافعىُّ. وقيل: يُقْسَمُ على سِتَّةِ أسْهُمٍ، سهْمٌ للَّهِ تعالى، وسهْمٌ لرسولِه؛ لظاهرِ قولِه تعالى:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}. فعَدَّ سِتَّةً، وجَعَل اللَّه تعالى لنَفْسِه سَهْمًا سادِسًا، وهو مَرْدُودٌ على عِبادِ اللَّه أهْلِ الحاجَةِ. وقال أبو العالِيَةِ: سَهْمُ اللَّهِ عَزَّ وجلَّ هو أنَّه إذا عَزَل الخُمْسَ ضَرَب بيَدِه فيه، فما قَبَض عليه مِن شئٍ جَعَلَه للكَعْبَةِ، فهو الذى سَمَّى اللَّه، لا تَجْعَلُوا للَّهِ نَصِيبًا، فإنَّ للَّهِ الدُّنْيا والآخرةَ، ثم يُقَسِّمُ بَقِيَّةَ السَّهْمِ الذى عَزَلَه على خَمْسَةِ أسْهُمٍ. ورُوِىَ عن الحسَنِ، وقَتادَةَ، في سَهْمِ ذَوِى القُرْبَى: كانتْ طُعْمَةً لرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- في حياتِه، فلما تُوُفِّىَ حَمَل عليه أبو بكرٍ وعُمَرُ في سبيلِ اللَّه (١). وروَى ابنُ عباسٍ،
(١) أخرجه البيهقى، في: باب سهم ذوى القربى من الخمس، من كتاب قسم الفئ والغنيمة. السنن الكبرى ٦/ ٣٤٢، ٣٤٣. وعبد الرزاق، في: باب ذكر الخمس وسهم ذوى القربى، من كتاب الجهاد. =