للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أرْضِ مِصْرَ، وحُكْمِ عُمَرَ في أرْضِ السَّوادِ وغيرِه حينَ وَقَفَه، وبه أشَارَ علىٌّ ومُعاذٌ على عُمَرَ، وليس فِعْلُ النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَادًّا لفِعْلِ عُمَرَ؛ لأنَّ كُلَّ واحدٍ منهما اتَّبَعَ آيَةً مُحْكَمَةً، قال اللَّه تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ}. وقال: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} (١) الآية. فكان كُلُّ واحِدٍ مِن الأَمْرَيْن جائِزًا، والنَّظَرُ في ذلك إلى الإِمامِ، فما رأَى [مِن ذلك فَعَله] (٢). وهذا قَوْلُ الثَّوْرِىِّ، وأبى عُبَيْدٍ. إذا ثَبَت هذا، فإنَّ التَّخْيِيرَ المُفَوَّضَ إلى الإِمامِ تخيِيرُ مَصْلَحَةٍ، لا تَخْيِيرُ تَشَهٍّ، فيَلْزَمُه فِعْلُ ما يَرَى فيه المَصْلَحَةَ، لا يجوزُ له العُدُولُ عنه، كالخِيَرَةِ في الأسْرَى بينَ القَتْلِ، والاسْتِرْقاقِ، والمَنِّ، والفِداءِ، ولا يَحْتاجُ إلى النُّطْقِ بالوَقْفِ، بل تَرْكُه لها مِن غيرِ قِسْمَةٍ وقْفٌ لها كما أنَّ قِسْمَتَها بينَ الغانِمِين لا يَحْتاجُ معه إلى لَفْظٍ، ولأنَّ عُمَرَ وغيرَه لم يُنْقَلْ عنهم في وَقْفِ الأرْضِ لَفْظٌ بالوَقْفِ، ولأنَّ معْنَى وَقْفِها ههنا، أنَّها باقِيَةٌ لجميعِ المسلمين، يُؤْخَذُ خَراجُها يُصْرَفُ في مصالِحِهم، ولا يُخَصُّ أحَدٌ بِمِلْكِ شئٍ منها، وهذا حاصِلٌ بتَرْكِها.

فصل: وكُلُّ ما فَعَلَه النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِن وَقْفٍ وقِسْمَةٍ، أو فَعَلَه الأئِمَّةُ بعدَه، فليس لأحَدٍ نَقْضُه، ولا تَغْيِيرُه، وإنَّما الرِّواياتُ فيما اسْتُؤْنِفَ فَتْحُه


(١) سورة الحشر ٧.
(٢) في م: «منه ذلك فعليه».