للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لكلِّ واحدٍ منهما مُطْلَقًا ومُقَيَّدًا بمُدَّةٍ، سَواءٌ كانت طَوِيلةً أو قَصِيرَةً، بخِلافِ الهُدْنَةِ، فإنَّها لا تَجُوزُ إلَّا مُقَيَّدَةً؛ لأنَّ في جَوازِها مُطْلَقَةً تَرْكًا للجِهادِ، وهذا بخلافِه. ويَجُوزُ أنْ يُقِيمُوا مدَّةَ الهُدْنَةِ بغيرِ جزْيَةٍ. ذَكَرَه القاضى. قال أبو بكرٍ: هذا ظاهِر كلامِ أحمدَ. وقال أبو الخَطّابِ: عندِى أنَّه لا يَجُوزُ أن يُقِيمَ سَنَةً بغيرِ جِزْيَةٍ. وهو قولُ الأوْزَاعِىِّ، والشافعىِّ؛ لقَوْلِ اللَّهِ تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (١). ووَجْهُ الأوَّلِ، أنَّه كافِرٌ أُبِيحَ له الإِقامَةُ في دارِ الإِسلامِ مِن غيرِ التِزامِ جِزْيَةٍ، فلم يَلْزَمْه جِزْيَةٌ (٢)، كالنِّساءِ والصِّبْيانِ، ولأنَّ الرَّسُولَ لو كان ممَّن لا يجوزُ أخْذُ الجِزْيَةِ منه، لاسْتَوَى في حَقِّه السَّنَةُ وما دُونَها، في أنَّ الجِزْيَةَ لا تُؤْخَذُ منه في المُدَّتَيْن، فإذا جازَتْ له الإِقامَة فِي إحْداهما، جازَتْ في الأُخْرَى، قياسًا لها عليها. وقَوْلُه تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}. أي يَلْتَزِمُونها، ولم يُرد حَقِيقَةَ الإِعْطاءِ، وهذا مَخْصُوصٌ منها بالاتِّفاقِ، فإنَّه يَجُوزُ له الإِقامَةُ مِن غيرِ التِزامٍ لها، ولأنَّ الآيةَ تَخصَّصَتْ بما دُونَ الحَوْلِ، فنَقِيسُ على المَحَلِّ المَخْصُوصَ.


(١) سورة التوبة ٢٩.
(٢) سقط من: م.