لاخْتِصاصِ المُبْطِلِ في نَفْسِه، فيَخْتَصُّ البُطْلانُ به. فإن قيل: إنَّما يَثْبُتُ الأمانُ لمالِه تَبَعًا، فإذا بَطَل في المَتْبُوعِ، بَطَل في التَّبَعِ. قُلْنا: بل يثْبُتُ له الأمانُ لمعنًى وُجِدَ فيه، وهو إدْخالُه معه، وهذا يَقْتَضِى ثُبُوتَ الأمانِ له، وإن لم يَثْبُتْ في نفْسِه، بدَلِيلِ ما لو بَعَثَه مع مُضارِبٍ له أو وكيلٍ، فإنَّه يَثْبُتُ له الأمانُ، وإن لم يَثْبُتْ في نفْسِه، ولم يُوجَدْ فيه ههُنا ما يَقْتَضِى نَقْضَ الأمانِ فيه، فبَقِىَ على ما كان عليه. فإن أخَذَه معه إلى دارِ الحَرْبِ، انْتَقَضَ الأمانُ فيه، كما انْتَقَضَ في نَفْسِه؛ لوُجُودِ المُبْطِلِ فيهما. إذا ثَبَت هذا، فإذا طَلَبَه صاحِبُه بُعِث إليه، وإنْ تَصَرَّفَ فيه ببَيْعٍ أو هِبَةٍ أو نحوِهما، صَحَّ تَصَرُّفُه؛ لأنَّه مَلَكَه. (وإن ماتَ) في دارِ الحربِ، انْتَقَلَ المالُ إلى وارِثِه، ولم يَبْطُلِ الأمانُ فيه. وقال أبو حنيفةَ: يَبْطُلُ. وهو قولُ الشافعىِّ؛ لأنَّه قد صارَ لوارِثِه، ولم يَعْقِدْ فيه أمانًا، فوَجَب أنْ يَبْطُلَ فيه، كسائِرِ أمْوالِه. ولَنا، أنَّ الأمانَ حَقٌّ واجِبٌ لازِمٌ مُتَعَلِّقٌ بالمالِ، فإذا انْتَقَلَ إلى الوارِثِ، انْتَقَلَ بحَقِّه، كسائِرِ الحُقُوقِ؛ مِن الرَّهْنِ،