للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

على غيرِ مالٍ، فعلى مالٍ أوْلَى. فأمَّا إن صالَحَهم على مالٍ (١) يبْذُلُه لهم، فقد أطْلَقَ أحمدُ القولَ بالمَنْعِ منه. وهو مذْهَبُ الشافعىِّ؛ لأنَّ فيه صَغارًا للمسلمين. قال شيْخُنا (٢): وهذا مَحْمُولٌ على غيرِ حالِ الضَّرُورَةِ، [فأمَّا إن دَعَتْ إليه الضَّرُورَةُ] (٣)، مثلَ أن يخافَ على المسلمين الهَلاكَ والأسْرَ، فيجوزُ؛ لأنَّه يجوزُ للأسيرِ فِداءُ نفْسِه بالمالِ، كذا هذا، ولأنَّ بَذْلَ المالِ وإن كان صَغارًا، فإنَّه يجوزُ تحَمُّلُه لدَفْعِ صَغارٍ أعْظمَ منه، وهو القَتْلُ والأسْرُ، وسَبْىُ الذُّرِّيَّةِ الذين يُفْضِى سَبْيُهم إلى كُفْرِهم. وقد رَوَى عبدُ الرزَّاقِ (٤)، في المغازِى، عن الزُّهْرِىِّ، قال: أرْسَلَ رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى عُيَيْنَةَ بنِ حِصْنٍ، وهو مع أبى سفيانَ، يعنى يومَ الأحْزابِ: «أَرَأَيْتَ إِنْ جَعَلْتُ لَكَ ثُلُثَ تَمْرِ الأنْصَارِ، أَتَرْجِعُ بِمَنْ مَعَكَ مِنْ غَطَفَانَ، وتُخَذِّلُ بَيْنَ الأحْزَابِ؟» فأرْسَلَ إليه عُيَيْنَةُ: إنْ جَعَلْتَ لى الشَّطْرَ فَعَلْتُ. قال (٥): فحدَّثَنِي ابنُ أبى نَجِيحٍ، أنَّ سعدَ بنَ مُعاذٍ، وسَعْدَ بنَ عُبادَةَ قالا: يا رسولَ اللَّهِ، واللَّهِ لقد كان يَجُرُّ سُرْمَه في الجاهليَّةِ في عامِ السَّنَةِ حَوْلَ المدِينَةِ، ما يُطِيقُ أن يَدْخُلَها، فالآنَ حينَ جاءَ اللَّهُ بالإِسلامِ، نُعْطِيهم ذلك؟ فقال النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: «فَنَعَمْ إِذًا». ولولا أنَّ ذلك جائِزٌ، لمَا بذَلَه


(١) في م: «ما».
(٢) في: المغنى ١٣/ ١٥٦.
(٣) سقط من: م.
(٤) في: باب الأحزاب وبنى قريظة، من كتاب المغازى. المصنف ٥/ ٣٦٧، ٣٦٨.
(٥) أي: معمر بن راشد.