رَدُّ شَئٍ عنه، كالحُرِّ مِن الرِّجالِ، وكالعَبْدِ إذا خَرَج ثمَّ أسْلَمَ. قَوْلُهم: إنَّهم في أمانٍ مِنَّا. قُلْنا: إنَّما أمَّنَّاهم مِمَّن هو في دارِ الإِسْلامِ، الذين هم في قَبْضَةِ الإِمامِ، فأمَّا مَن هو في دارِهم، ومَن ليس في قَبْضَتِه، فلا يُمْنَعُ منه؛ بدليلِ ما لو خَرَج العَبْدُ قبلَ إسْلامِه، ولهذا لمّا قَتَل أبو بَصِيرٍ الرجلَ الذى جاءَ ليَرُدَّه، لم يُنْكِرْه النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولم يَضْمَنْه. ولَمّا انْفَرَدَ هو وأبو جَنْدَلٍ وأصْحابُهما عن النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في صُلْحِ الحُدَيْبِيَةِ، فقَطَعُوا الطَّرِيقَ عليهم، وقَتَلُوا مَن قَتَلُوا منهم، وأخذُوا المالَ، لم يُنْكِرْ ذلك النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولم يَأْمُرْهم برَدِّ ما أخَذُوه، ولا غَرامَةِ ما أتْلَفُوه. وهذا الذى أسْلَمَ كان في دارِهم وقَبْضَتِهم، وقَهَرَهم على نَفْسِه، فصارَ حُرًّا، كما لو أسْلَمَ بعدَ خُروجِه. وأمَّا المَرْأةُ، فلا يَجِبُ رَدُّ مَهْرِها؛ لأنَّها لم تَأْخُذْ منهم شيئًا، ولو أخَذَتْه كانت قد قَهَرَتْهم عليه في دارِ القَهْرِ، ولو وَجَب عليها عِوَضُه، لوَجَب مَهْرُ المِثْلِ دُونَ المُسَمَّى. وأمَّا الآيةُ، فقد قال قتادَةُ: نُسِخَ رَدُّ المَهْرِ. وقال عَطَاءٌ، والزُّهْرِىُّ، والثَّوْرِىُّ: لا يُعْمَلُ بها اليومَ. وعلى أنَّ الآيةَ إنَّما نَزَلَتْ في قَضِيَّةِ الحُدَيْبِيَةِ، حينَ كان النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- شَرَط رَدَّ مَن جاءَه مُسْلِمًا، فلمَّا مَنَع اللَّهُ رَدَّ النِّساءِ، وَجَب رَدُّ مُهُورِهِنَّ. وكلامُنا فيما إذا وَقَع الصُّلْحُ مِن غيرِ شَرْطٍ، فليس هو في مَعْنَى ما تَناوَلَه الأمْرُ. وإن وَقَع الكَلامُ فيما إذا شَرَط رَدَّ النِّساءِ، لم يَصِحَّ أيضًا؛ لأنَّ الشَّرْطَ الذى كان النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- شَرَطَه كان صَحِيحًا، وقد نُسِخَ، فإذا شُرِط