للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لم يَمْنَعْهم أخْذَه، ولا يُجْبِرُه على المُضِىِّ معهم، وله أن يأْمُرَه سِرًّا بالهَرَبِ منهم ومُقاتَلَتِهم، فإنَّ أبا بَصِيرٍ لمَّا جاءَ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وجاءَ الكُفّارُ في طَلَبِه، قال له النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: «إِنَّا لَا يَصْلُحُ فِي دِينِنَا الْغَدْرُ، وَقَدْ عَلِمْتَ مَا عَاهَدْنَاهُمْ عَلَيْه، وَلَعَلَّ اللَّهَ أنْ يَجْعَلَ لَكَ فَرَجًا وَمَخْرَجًا» (١). فلمَّا رَجَع مع الرَّجُلَيْن، قَتَل أحَدَهما في طريقِه، ثمَّ رَجَع إلى النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: يا رسولَ اللَّهِ، قد أوْفَى اللَّهُ ذِمَّتَك، قد رَدَدْتَنِى إليهم، وأنْجانِى اللَّهُ منهم. فلم يُنْكِرْ عليه النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولم يَلُمْه، بل قال: «وَيْلُ امِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ، لَوْ كَانَ مَعَهُ رِجَالٌ». فلمَّا سَمِع ذلك أبو بَصِيرٍ، لَحِقَ بساحِلِ البَحْرِ، وانْحازَ إليه أبو جَنْدَلِ بنُ سُهَيْلٍ ومَن معه مِن المُسْتَضْعَفِينَ بمكَّةَ، فجعلُوا لا تَمُرُّ عِيرٌ لقُرَيْشٍ إلَّا عَرَضُوا لها فأخَذُوها وقَتَلُوا مَن معها، فأرْسَلَتْ قُرَيْشٌ إلى النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- تُناشِدُه اللَّهَ والرَّحِمَ، أنْ يَضُمَّهم إليه، ولا يَرُدَّ إليهم أحَدًا جاءَه، فَفَعَلَ. فيجوزُ حينئذٍ لمَن أسْلَمَ مِن الكُفَّارِ، أنْ يتَحَيَّزُوا ناحِيَةً ويَقْتُلوا مَن قَدَرُوا عليه مِن الكُفَّارِ، ويأْخُذُوا أمْوالَهم، ولا يَدْخُلون في الصُّلْحِ.


(١) تقدم تخريجه في ٣٥٢.