للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لأنَّ الإِعْطاءَ إنَّما يكُونُ في آخِرِ الحَوْلِ، والكَفَّ عنهم في ابْتِدائِه عندَ البَذْلِ، والمُرادُ بقَوْلِه تعالى: {حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ}. أى يَلْتَزِمُوا. وهذا كقَوْلِه: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} (١). فإنَّ المرادَ به الْتِزامُ ذلك، فإنَّ الزَّكاةَ إنَّما يجبُ أداؤُها عندَ الحَوْلِ.

فصل: فأمَّا غيرُ اليهودِ والنَّصارَى والمَجُوسِ مِن الكُفّارِ، فلا تُقْبَلُ منهم الجِزيَةُ، ولا يُقَرُّونَ بها، ولا يُقْبَلُ منهم إلَّا الإِسِلامُ، أو القَتْلُ. هذا ظاهِرُ المَذْهَبِ. وروَى عَنه (٢) الحسَنُ بنُ ثَوابٍ، أنَّها تُقْبَلُ مِن جميعِ الكُفّارِ، إلَّا عَبَدَةَ الأوْثانِ مِن العَرَبِ؛ لأنَّ حديثَ بُرَيْدَةَ يدُلُّ بعُمُومِه على قَبُولِ الجِزيَةِ مِن كلِّ كافِرٍ، إلَّا أنَّه خَرَج منه عَبَدَةُ الأوْثانِ مِن العَرَبِ، لتَغْلِيظِ كُفْرِهم مِن وَجْهَيْن؛ أحدُهما، دِينُهم. والثانى، كوْنُهم مِن رَهْطِ النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقال الشافعىُّ: لا تُقْبَلُ الجِزْيَةُ إلَّا مِن أهْلِ الكتابِ والمَجُوسِ، لكنْ في أهْلِ الكُتُبِ غيرِ اليهودِ والنَّصارَى، مثلَ أهْلِ صُحُفِ إبراهيمَ وشِيثَ، وزَبُورِ داوُدَ، ومَن تَمَسَّكَ بدينِ آدَمَ، وَجْهان؛ أحَدُهما، يُقَرُّون بالجِزْيَةِ؛ لأنَّهم أهلُ كتابٍ، فأشْبَهُوا اليهودَ والنَّصارى. وقال أبو حنيفةَ: تُقْبَلُ مِن جميعِ الكُفارِ إلَّا العربَ؛ لأنَّهم رَهْطُ النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلا يُقَرُّونَ على غيرِ دِينِه، وغيرُهم يُقَرُّ بالجِزْيَةِ؛ لأنَّه يُقَرُّ بالاسْتِرْقاقِ، فأًقِرَّ بالجِزْيَةِ، كالمَجُوسِ. وعن مالكٍ، أنَّها تُقْبَلُ


(١) سورة التوبة ٥.
(٢) أى الإمام أحمد.