فصل: وإذا أُعْتِقَ، لَزِمَتْه الجِزْيَةُ لِما يُسْتَقْبَلُ، سواءٌ كان مُعْتِقُه مُسْلِمًا أو كافِرًا. هذا الصحيحُ عن أحمدَ. ورُوِىَ ذلك عن عُمَرَ بنِ عبدِ العزيزِ. وبه قال سُفيانُ، واللَّيْثُ، والشافعىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأصحابُ الرَّأْى. وعنه، يُقَرُّ بغيرِ جِزْيَةٍ. ورُوِىَ نحوُه عن الشَّعْبِىِّ؛ لأنَّ الوَلاءَ شُعْبَةٌ كشُعْبَةِ الرِّقِّ، وهو ثابتٌ عليه. ووَهَّنَ الخلالُ هذه الرِّوايَةَ، وقال: هذا قولٌ قديم رَجَع عنه. وعن مالكٍ كقولِ الجماعةِ. وعنه، إن كان المُعْتِقُ له مُسْلِمًا، فلا جِزْيَةَ عليه؛ لأنَّ عليه الوَلاءَ لمُسْلِمٍ، أشْبَهَ ما لو كان عليه الرِّقُّ. ولَنا، أَنَّه حُرٌّ مُكَلَّفٌ مُوسِرٌ مِن أهْلِ القتالِ، فلم يُقَرَّ في دارِنا بغيرِ جِزْيَةٍ، كالحُرِّ الأصْلِىِّ. إذا ثَبَت هذا، فإنَّ حُكْمَه فيما يُسْتَقْبَلُ مِن جِزْيَتِه حكمُ مَنْ بَلَغَ مِن صِبْيانِهم، أو أفاقَ مِن مَجانِينِهم، على ما ذَكَرْناه.