وأرْبَعُون دِرْهمًا، وعلى المُتَوَسِّطِ أرْبَعَةٌ وعِشْرُون، وعلى الفَقِيرِ اثْنا عَشَرَ) الكلامُ في هذه المسألَةِ في فَصْلَيْن؛ أحَدُهما، في تَقْدِيرِ الجِزْيَةِ. والثانى، في كِمِّيَّةِ مِقْدارِها. فأمّا الأوَّلُ، ففيه ثلاثُ رواياتٍ؛ إحْداهُنَّ، أنَّها مُقَدَّرَةٌ بمقْدارٍ لا يُزادُ عليه، ولا يُنْقَصُ منه. وهذا قولُ أبى حنيفةَ، والشافعىِّ؛ لأنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فرَضَها مُقَدَّرَةً، بقولِه لمُعاذٍ:«خُذْ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا أوْ عَدْلَهُ مَعَافِرَ»(١). وفَرَضَها عُمَرُ بمَحْضَرٍ مِن الصَّحابَةِ، فلم يُنْكَرْ، فيكُونُ إجْماعًا. والثانيةُ، أنَّها غيرُ مُقَدَّرَةٍ، بل يُرْجَعُ فيها إلى اجْتهادِ الإِمامِ في الزِّيادَةِ والنُّقْصانِ. قال الأثْرَمُ: قيل لأبى عبدِ اللَّهِ: فيُزادُ اليومَ ويُنْقَصُ؟ يعْنى مِن الجِزْيَةِ. قال: نعم، يُزادُ فيها ويُنْقَصُ، على قَدْرِ طاقَتِهم، على قَدْرِ ما يَرَى الإِمامُ. وذَكَر أنَّه زِيدَ عليهم فيما مَضَى دِرْهمانِ، فجعَلَه خمسين. قال الخَلَّالُ: العَمَلُ في قَوْلِ أبى عبدِ اللَّهِ على ما رَواه الجماعَةُ، بأنَّه لا بَأْسَ للإِمامَ أن يَزِيدَ في ذلك ويَنْقصَ، على ما رَواه عنه أصحابُه في عَشَرَةِ مَواضِعَ، فاسْتَقَرَّ قَوْلُه على ذلك. وهو قولُ