للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ويَشْتَرِطَ عليهم الشُّرُوطَ المذْكُورَةَ في كتابِ عبدِ الرحمنِ بنِ غَنْمٍ، وفيه: أن لا تُحْدِثُوا كنِيسَةً، ولا بِيعَةً، ولا صَوْمَعَةَ راهبٍ، ولا قلايةً. وإن وَقَع الصُّلْحُ مُطْلَقًا مِن غيرِ شَرْطٍ، حُمِلَ (١) على ما وَقَع عليه صُلْحُ عُمَرَ وأُخِذُوا بشُرُوطِه. فأمّا الذين صالَحَهُم عُمَرُ وعَقَد معهم الذِّمَّةَ، فهم على ما في كتابِ عبدِ الرحمنِ بنِ غَنْمٍ، مأْخُوذُون بشُرُوطِه كلِّها، وما وَجَدُوا في بلادِ المسلمين مِن الكنائِسِ والبِيَعِ، فهى على ما كانتْ عليه في زَمَنِ مَن فَتَحَها ومَن بعدَهم. وكلُّ مَوْضِعٍ قُلْنا بجَوَازِ إقْرارِها، لم يَجُزْ هَدْمُها، ولهم رَمُّ ما تَشَعَّث منها، وإصْلاحُها؛ لأنَّ المَنْعَ مِن ذلك يُفْضِى إلى خَرابِها، فجَرَى مَجْرَى هَدْمِها. فأمّا إنِ اسْتَهْدَمَتْ كلُّها، ففيها رِوايتان؛ إحْدَاهما، لا يَجُوزُ. وهو قولُ بعضِ أصحابِ الشافعىِّ. والثانيةُ، يَجُوزُ. وهو قولُ أبى حنيفةَ، والشافعىِّ؛ لأنَّه بناءٌ لِما اسْتَهْدَمَ، أشْبَهَ بِناءَ بعضِها إذا انْهَدَمَ، ورَمَّ شَعَثِها، ولأنَّ اسْتِدامَتَها جائزَةٌ، وبناؤُها كاسْتِدامَتِها. وحَمَل الخَلَّالُ قولَ أحمدَ: لهم أن يَبْنُوا ما انْهَدَمَ منها. على ما إذا انْهَدَمَ بعضُها، ومَنْعَه مِن بناءِ ما انْهَدَمَ، على ما إذا انْهَدَمَتْ كلُّها، فجَمَعَ بين الرِّوايَتَيْنِ. ووَجْهُ الرِّوَايَةِ الأُولَى، أنَّ في كتابِ أهْلِ الجزِيرَةِ لعياضِ (٢) بنِ غَنْمٍ: ولا نُجَدِّدَ ما خَرِبَ مِن


(١) في م: «عمل».
(٢) كذا في النسخ. وتقدم هذا في خبر عبد الرحمن بن غنم في صفحة ٤٤٩. وخبر عياض بن غنم مع أهل الجزيرة، في تاريخ الطبرى ٤/ ٥٣ - ٥٥.