للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الشّافِعِىِّ؛ لأنَّه أمْكَنَ الانْتِفاعُ به مِن غيرِ ضَرَرٍ، فجازَ، كالطاهِرِ. وهذا اخْتِيارُ الخِرَقِىِّ. فعلى هذا، يُسْتَصْبَحُ به على وَجْهٍ لا تَتَعَدَّى نَجاسَتُه، إمّا أن يُجْعَلَ في إبْرِيق ويُصَبَّ منه في المِصْباحِ ولا يُمَسَّ، وإمّا أن يَدَعَ على رَأْسِ الجَرَّةِ التى فيها الزَّيْتُ سِراجًا مَثْقُوبًا، ويُطْبِقَه على رَأْسِ إناءِ الزَّيْتِ، وكُلَّما نَقَصَ زَيْتُ السِّراجِ صَبَّ فيه ماءً بحيثُ يَرْتَفِعُ الزَّيْتُ، فيَمْلأُ السِّرَاجَ، وما أشْبَهَ هذا. وعلى قِياسِ هذا كُلُّ انْتِفاعٍ لا يُفْضِى إلى التَّنْجِيسِ بها يَجُوزُ. ويَتَخَرِّجُ على جَوازِ الاسْتِصْباحِ به جَوازُ بَيْعِه. وهكذا ذَكَرَه أبو الخَطَّابِ؛ لأنَّه يَجُوزُ الانْتِفاعُ به مِن غيرِ ضَرُورَةٍ، فجازَ بَيْعُه، كالبَغْلِ والحِمارِ. وهل تَطْهُرُ بالغَسْلِ، فيه وَجْهَانِ ذَكَرْنَاهُما فيما مَضَى (١). وإذا قُلْنَا: تَطْهُرُ بالغَسْلِ. فالقِياسُ يَقتَضِى جوازَ بَيْعِها؛ لأنَّها عَيْنٌ نَجسَةٌ تَطْهُرُ بالغَسْلِ، أَشْبَهَتِ الثَّوْبَ النَّجِسَ. وكَرِهَ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، أَن تُدْهَنَ بها الجُلُودُ، وقال: تُجْعَلُ منها الأسْقِيَةُ. ونُقِلَ عن ابنِ عمرَ، أنَّه يُدْهَنُ بها الجلودُ. وعَجِبَ أحمدُ مِن هذا. فيَحْتَمِلُ أنْ يُحْمَلَ على ما لا تَتَعَدَّى نَجَاسَتُه، كالنِّعَالِ، كما قُلْنا في جُلودِ الميْتَةِ (٢).


(١) انظر ما تقدم في ٢/ ٣٠٤.
(٢) انظر ما تقدم في ١/ ١٦١.