بَيْعُه؛ لأنَّه يَقْدِرُ على تَسْلِيمِه ظاهِرًا، أشْبَهَ ما يَحْتَاجُ إلى مُؤْنَةٍ في الكَيْلِ أو الوَزْنِ والنَّقْلِ. ولَنا، قَوْلُ ابنِ مَسْعُودٍ، وابنِ عمرَ: لَا تَشْتَرُوا السَّمَكَ في الماءِ؛ لأنَّه غَرَرٌ، ولأنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَهَى عن بَيْع الغَرَرِ، وهذا منه، ولأنَّه لا يَقْدِرُ على تَسْلِيمِه إلَّا بعدَ اصْطِيادِه، أشْبَهَ الطَّيْرَ في الهَواءِ، ولأنَّه مَجْهُولٌ، أشْبَهَ اللَّبَنَ في الضَّرْعِ، ويُفارِقُ ما قَاسُوا عليه؛ لأنَّ ذلك مِن مُؤْنَةِ القَبْضِ، وهذا يَحْتاجُ إلى مُؤْنَةٍ ليُمْكِنَ قَبْضُه، فأمّا إن كانت له بِرْكَةٌ له فيها سَمَكٌ يُمْكِنُ اصْطِيَادُه بغيرِ كُلْفَةٍ، والماءُ رَقِيقٌ لا يَمْنَعُ المُشاهَدَةَ، صَحَّ بَيْعُه، على ما ذَكَرْنا، وإن لم يُمْكِنْ إلَّا بمشَقَّةٍ وكُلْفَةٍ، وكانت يَسِيرَةً، بمَنْزِلَةِ اصْطِيادِ الطّائِرِ مِن البُرْجِ، فالقَوْلُ فيه كالقَوْلِ في بَيْعِ الطّائِرِ في البرجِ، على ما ذَكَرْنا مِن الخِلافِ. وإن كانت كَثِيرَةً تَتَطَاوَلُ المُدَّةُ فيه، لم يَجُزْ بَيْعُه؛ للعَجْزِ عن تَسْلِيمِه في الحالِ، والجَهْلِ بإمْكانِ وقْتِ (١) التَّسْلِيمَ.
فصل: ولا يَجُوزُ بَيْعُ المَغْصُوبِ؛ لعَدَمِ إمْكانِ تَسْلِيمِه، فإن باعَه