فصل: فإن رَأَيا المَبِيعَ، ثم عَقَدَا البَيْعَ بعد ذلك بزَمَنٍ لا تَتَغَيَّرُ العَيْنُ فيه، جازَ، في قولِ أكثرِ أَهْلِ العِلْمَ. وحُكِىَ عن أحمدَ رِوايَةٌ أُخْرَى، لا يَجُوزُ حتَّى يَرَيَاهَا حالَةَ العَقْدِ. وحُكِىَ ذلك عن الحَكَمِ، وحَمّادٍ؛ لأنَّ ما كانَ شَرْطًا في صِحَّةِ العَقْدِ، يَجِبُ أنْ يكونَ مَوْجُودًا حالَ العَقْدِ، كالشَّهادَةِ في النِّكَاحِ. ولَنا، أنَّه مَعْلُومٌ عندهما، أشْبَهَ ما لو شاهَدَاه حالَ العَقْدِ، والشَّرْطُ إنَّما هو العِلْمُ، والرُّؤْيَةُ طَرِيقُ العِلْمِ، ولهذا اكْتُفِىَ بالصِّفَةِ المُحَصِّلَةِ للعِلْمِ، والشَّهادَةُ في النِّكاحِ تُرادُ لحِلِّ العَقْدِ والاسْتِيثاقِ عليه، فلهذا اشْتُرِطَتْ حالَ العَقْدِ. ويُقَرِّرُ ما ذَكَرْنَاهُ ما لو رَأَيَا دَارًا، ووَقَفَا في بيتٍ منها، أو أَرْضًا، ووَقَفَا في طَرَفِها، وتَبَايَعَاهَا، صَحَّ، بلا خِلافٍ، مع عَدَمِ المُشَاهَدَةِ للكُلِّ في الحالِ. ولو كانتِ الرُّؤْيَةُ المَشْرُوطَةُ للبَيْعِ