فصل: ولا يَجْوزُ بَيْعُ المِسْكِ في الفَأْرِ (١)، وهو الوِعاءُ الذى يكونُ فيه. قال الشَّاعِرُ:
إذا التَّاجِرُ الهِنْدِىُّ رَاحَ بفَأْرَةٍ ... مِن المِسْكِ رَاحَتْ في مَفَارقِهِمْ تَجْرِى
فإنْ فَتَحَ، وشاهَدَ ما فيه، جازَ بَيْعُه، وإنْ لم يُشَاهِدْ، لم يَجُزْ بَيْعُه؛ للجَهالَةِ. وقال بعضُ الشّافِعِيَّةِ: يَجُوزُ؛ لأنَّ بقاءَهُ في فَأْرِه مَصْلَحَةٌ له، فإنَّه يَحْفَظُ رُطُوبَتَه وذكاءَ رائِحَتِه، أَشْبَهَ ما مَأْكُولُه في جَوْفِه. ولَنا، أنَّه يَبْقَى خارِجَ وِعائِه مِن غيرِ ضَرُورَةٍ، وتَبْقَى رَائِحَتُه، فلم يَجُزْ بَيْعُه مَسْتُورًا، كالدُّرِّ في الصَّدَفِ. وما مَأْكُولُه في جَوْفِه إخْراجُه يُفْضِى إلى تَلَفِه. فالتَّفْصيلُ في بَيْعِه مع وِعائِه، كالتَّفْصِيلِ في بَيْعِ السَّمْنِ في ظَرْفِه،
(١) سمى المسك فأرًا؛ لأنه من الفأر يكون. وفأرة المسك تكون بناحية تُبَّت، يصيدها الصياد فيعصب سُرَّتها بعصاب شديد وسرتها مدلَّاة، فيجتمع فيها دمها، ثم تذبح، فإذا سكنت قور السرة المعصَّرَة ثم يدفنها في الشعير حتى يستحيل الدم الجامد مسكًا ذكيًّا. اللسان مادة: (ف أر).