للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: ومَتَى حَكَمْنَا بفَسَادِ العَقْدِ، لم يَثْبُتْ به مِلْكٌ، سواءٌ اتَّصَلَ به القَبْضُ أو لَا. ولا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ المُشْتَرِى فيه بِبَيْعٍ، ولا هِبَةٍ، ولا عِتْقٍ، ولا غيرِه. وبهذا قال الشافعىُّ. وقال أبو حَنِيفةَ: يَثْبُتُ المِلْكُ فيه إذا اتَّصَلَ به القَبْضُ، وللبَائِعِ الرُّجُوعُ فيه، فيَأْخُذُه مع زِيادَتِه المُنْفَصِلةِ (١)، إلَّا أن يَتَصَرفَ فيه المُشْتَرِى تصَرُّفًا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ فيه، فيَأْخُذَ قِيمَتَه. مُحْتَجًّا بحَدِيثِ بَرِيرَةَ؛ فإنَّ عائِشَةَ اشْتَرَتْها بشَرْطِ الوَلاءِ، فأعْتَقَتْها، فأَجَازَ النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- العِتْقَ، والبَيْعُ فاسِدٌ. ولأنَّ المُشْتَرِىَ على صِفَةٍ يملِكُ المَبِيع ابْتِداءً بعَقْدٍ، وقد حَصَلَ عليه الضَّمَانُ للبَدَلِ عن (٢) عَقْدٍ فيه تَسْلِيطٌ، فوَجَبَ أَنْ يَمْلِكَه، كالعَقْدِ الصَّحِيحِ. ولَنا، أنَّه مَقْبُوضٌ بعَقْدٍ فاسِدٍ، فلم يمْلِكْهُ، كما لو كان الثَّمَنُ مَيْتَةً، أو دَمًا. فأمّا حَدِيثُ بَرِيرَةَ، فإنّمَا يَدُلُّ على صِحَّةِ العَقْدِ، لا على ما ذَكَرُوه. وليس في الحَدِيثِ أنَّ عائِشَةَ اشْتَرَتْهَا بهذا الشَّرْطِ، بل الظاهِرُ أنَّ أَهْلَها حينَ بَلَغَهُم إنْكَارُ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- هذا الشَّرْطَ، تَرَكُوهُ. ويَحْتَمِلُ أنَّ الشَّرْطَ كان سابِقًا للعَقْدِ، فلم يُؤَثِّرْ فيه.


(١) في م: «المتصلة».
(٢) في م: «غير أنه».