فصل: وإذا باعَ بَيْعًا فاسِدًا، وتَقابَضَا، ثم أَتْلَفَ البائِعُ الثَّمنَ، ثم أَفْلَسَ، فله الرُّجُوعُ في المَبِيعِ، والمُشْتَرِى أُسْوَةُ الغُرَماءِ. وبهذا قال الشّافِعِىُّ. وقال أبو حَنِيفَةَ: المُشْتَرِى أحَقُّ بالمَبِيعِ مِن سائِرِ الغُرَماءِ؛ لأنَّه في يَدِه، فكانَ أحَقَّ به، كالمُرْتَهِنِ. ولَنا، أنَّه لم يَقْبِضْه وَثِيقَةً، فلم يَكُنْ أحَقَّ به، كما لو كان وَدِيعَةً عنده، بخِلَافِ المُرْتَهن؛ فإنّه قَبَضَه على أنَّه وَثِيقةٌ بحَقِّهِ.
فصل: وإذا قال: بعْ عَبْدَكَ مِن فُلانٍ بأَلْفٍ، على أنَّ عَلَىَّ خَمْسَمائَةٍ. فبَاعَهُ بهذا الشَّرْطِ، فالبَيْعُ فاسِدٌ؛ لأنَّ الثَّمَنَ يَجِبُ أن يكونَ جَمِيعُه على المُشْتَرِى، فإذا شَرَطَ كَوْنَ بَعْضِه على غيرِه، لم يَصِحَّ؛ لأنَّه لا يَمْلِكُ المَبِيعَ، والثّمنُ على غَيْرِه، ولا يُشْبِهُ هذا ما لو قال: أعْتِقْ عَبْدَكَ -أو- طَلِّقِ امْرَأَتَكَ وعَلَىَّ خَمْسُمائَةٍ. لكَوْنِ هذا عِوَضًا في مُقابَلَةِ فَكِّ الزَّوْجَةِ ورَقَبَةِ العَبْدِ، ولذلك لم يَجُزْ في النِّكَاحِ. أمّا في مَسْأَلتِنا، فإنّه مُعَاوَضَةٌ في مُقَابَلَةِ نَقْلِ المِلْكِ، فلا يَثْبُتُ؛ لأَنَّ العِوَضَ على غَيْرِه. وإن كان هذا القَوْلُ على وَجْهِ الضَّمانِ، صَحَّ البَيْعُ، ولَزِمَ الضَّمَانُ.