يَبْطُلُ به العَقْدُ؟ على وَجْهَيْنِ، بِناءً على الشُّرُوطِ الفاسِدَةِ. ولنا، ما ذَكَرْنَا مِن حَدِيثَى ابنِ عمرَ، وذلك صَرِيحٌ في الحُكْمِ، فلا يُعَوَّلُ على ما خَالَفَه، ولأنَّ ما أَثَّرَ في الخِيارِ في المَجْلِسِ أَثَّرَ فيه مُقارِنًا للعَقْدِ، كاشْتِراطِ الخِيَارِ. ولأنَّه أحَدُ الخِيارَيْن في البَيْعِ، فجازَ إخْلاؤُه عنه، كخِيارِ الشَّرْطِ. وقَوْلُهم: إنَّه إسْقَاط للخِيارِ قبلَ سَبَبِه. مَمْنُوعٌ، فإنَّ سَبَبَ الخِيارِ البَيْعُ المُطْلَقُ، فأمّا البَيْعُ مع التَّخَايُرِ فلَيْسَ سَبَبًا له، ثم لو ثَبَتَ أنَّه سَبَبٌ للخِيارِ، لكِنَّ المانِعَ مُقارِنٌ له، فلم يَثْبُتْ حُكْمُه، والشُّفْعَةُ لَنا فيها مَنْعٌ، وإنْ سُلِّمَ، فالفَرْقُ بَيْنَهما أنَّ الشَّفِيعَ أجْنَبِىٌّ مِن العَقْدِ، فلم يَصِحَّ اشْتِراطُ إسْقاطِ خِيَارِه في العَقْدِ، بخِلافِ مسألتِنا.
فصل: فإنْ قال أحَدُهُما لِصاحِبِه: اخْتَرْ. ولم يَقُلِ الآخَرُ شَيْئًا، فالسّاكِتُ على خِيارِه، لأنَّه لم يُوجَدْ منه ما يُبْطِله. وأمّا القائِلُ فيَحْتَمِل أَنْ يَبْطُلَ خِيارُه، لِما رَوَى ابنُ عمرَ أنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال:«البَيِّعانِ بالخِيارٍ ما لم يَتَفرَّقَا، أو يقولُ أحَدُهما لِصاحِبِه: اخْتَرْ». رَواهُ البُخَارِىُّ. ولأنَّه جَعَلَ لِصاحِبه ما مَلَكَه مِن الخِيار، فسَقَطَ خِيارُهِ. وهذا ظاهِرُ مَذْهَب الشّافِعِىِّ. ويَحْتَمِل أن لا يَبْطل خِيارُه، لأنَّه خيَّرَه، فلم يَختَرْ، فلم يُؤَثِّرْ، كما لو جَعَلَ لزَوْجَتِه الخِيارَ، فلم تَخْتَرْ شَيْئًا، ويُحْمَلُ الحَدِيثُ على أنَّه خيَّرَه، فاخْتَارَ. والأَوَّلُ أوْلَى؛ لظاهِرِ الحَدِيثِ. ولأنَّه جَعَلَ الخِيارَ لغَيْرِه. ويُفارِقُ