للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مالِكٌ، فيما زادَ على الثَّلاثِ بقَدْرِ الحاجَةِ، مثل قَرْيَةٍ لا يَصِلُ إليها في أَقَلَّ مِن أَرْبَعَةِ أَيّامٍ، لأَنَّ الخِيارَ لحَاجَتِه، فَيُقَدَّرُ بها. وقال أبو حَنِيفَةَ، والشّافِعِىُّ: لا يَجُوزُ أكْثَر مِن ثَلاثٍ، لِما رُوِى عن عمرَ، رَضِى اللَّهُ عنه، أنَّه قال: ما أجدُ لكم أَوْسَعَ مِمّا جَعَلَ رسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لحَبَّانَ، جَعَلَ له الخِيارَ ثَلاثَةَ أيّامٍ، إنْ رَضِى أخَذَ، وإنْ سَخِطَ تَرَكَ (١). ولأنَّ الخِيارَ يُنافِى مُقْتَضَى البَيْعِ؛ لأنَّه يَمْنَعُ المِلْكَ واللُّزُومَ وإطْلَاق التَّصرُّفِ، وإنَّما جازَ للحاجَةِ، فجازَ القَلِيلُ منه، وآخِرُ حَدِّ القِلَّةِ ثَلاثٌ، قال اللَّهُ تَعالَى: {فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ} (٢) بعد قولِه: {فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (٣). ولَنا، أنَّه حَقٌّ يَعْتَمِدُ الشَّرْطَ، فرُجِعَ في تَقْدِيرِه إلى مُشْتَرِطِه، كالأَجَلِ، ولم يَثْبُتْ مَا رُوِى عن عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، وقد رُوِى عن أَنَسٍ خِلافُه. وتَقْدِيرُ مالِكٍ بالحاجَةِ لا يَصِحُّ؛ فإنَّها لا يُمْكِنُ ضَبْطُ الحُكْمِ بها، لخَفَائِها واخْتِلَافِها، وإنَّما يَرْتَبِطُ بمَظِنَّتِها، وهو الإِقْدَامُ، فإنَّه صالِحٌ أَنْ يكونِ ضابِطًا، ورُبِطَ الحُكْمُ به في الثَّلاثِ وفى السَّلَمِ والأجَلِ. وقولُ الآخَرِين: إنَّه يُنافِى مُقْتَضَى البَيْعِ. لا يَصِحُّ،


(١) أخرجه البيهقى، في: باب الدليل على أنه لا يجوز شرط الحيار في البيع أكثر من ثلاثة أيام، من كتاب البيوع. السنن الكبرى ٥/ ٢٧٤.
(٢) سورة هود ٦٥.
(٣) سورة هود ٦٤.