للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عندَ مُفْلِسٍ فتَصَرَّفَ فيه. وإنْ تَصَرَّفَ المُشْتَرِي في المَبِيعِ في مُدَّةِ الخِيارِ بما ذَكَرْنا ونحوه، ممّا يَخْتَصُّ المِلْكَ؛ كإعْتَاقِ العَبْدِ، وكِتَابَتِه، ووَطْءِ الجَارِيَةِ، ومُباشَرَتِها، ولَمْسِها بشَهْوَةٍ، ووَقْفِ المَبِيعِ، ورُكُوبِ الدّابَّةِ لحاجَتِه، أو سُكْنَى الدّارِ، ورَمِّهَا، وحَصَادِ الزَّرْعِ، فما وُجِدَ مِن هذا فهو رِضًا بالمَبِيعِ، ويَبْطُلُ به خِيَارُه؛ لأنَّ الخِيَارَ يَبْطُلُ بالتَّصْرِيح بالرِّضَا، وبِدَلَالتِه، ولذلك يَبْطُلُ خِيارُ المُعْتَقَةِ بتَمْكِينِها مِن نَفْسِها، وقال لها رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إنْ وَطِئَكِ فَلَا خِيارَ لَكِ» (١). وهذا مَذْهَبُ أبِي حَنِيفَةَ، والشّافِعِيِّ. فأمّا ما يَسْتَعلِمُ به المَبِيعَ، كرُكُوبِ الدَّابَّةِ لِيَخْتَبِرَ فَراهَتَها (٢)، والطَّحْنِ على الرَّحَى لِيَعْلَمَ قَدْرَه، ونحو ذلك، فلا يَدُلُّ على الرِّضَا، ولا يَبْطُلُ به الخِيارُ؛ لأنَّه المَقْصُودُ بالخِيارِ. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، أنَّ تَصَرُّفَ المُشْتَرِي لا يُبْطِلُ خِيارَه، ولا يَبْطُلُ إلَّا بالتَّصْرِيحِ، كما لو رَكِبَ الدَّابَّةَ لِيَخْتَبِرَها. والأوَّلُ أصحُّ؛ لأنَّ هذا يَتَضَمَّنُ إجَازَةَ البَيعِ،


(١) أخرجه الإمام أحمد، في: المسند ٤/ ٦٥، ٥/ ٣٧٨.
(٢) الفراهة: المهارة والسرعة.