أنَّه أوْجَبَ في المُصَرَّاةِ مِن الإِبِلِ والغَنَمِ جَمِيعًا صاعًا مِن تَمْرٍ مع اخْتِلافِ لَبَنِها. الثالِثُ، أنّ لَفْظَه للعُمُومِ، فَيَتَناوَلُ كُلَّ مُصَرَّاةٍ، ولا يَتَّفِقُ أنْ تكونَ قِيمَةُ لَبَنِ كُلِّ مُصَرَّاةٍ صاعًا، وإنْ أمْكَنَ أنْ يكونَ كذلك، فيَتَعَيَّنُ إيجابُ الصاعِ؛ لأَنَّه القِيمَةُ التي عَيَّنَ الشارِعُ إيجابَها فلا يَجُوزُ العُدُولُ عنها. ويَجِبُ أنْ يكونَ صاعُ التَّمْرِ جَيِّدًا غيرَ مَعِيبٍ؛ لأَنَّهُ واجِب بإطْلاقِ الشارِعِ، فيَنْصَرِفُ إلى مَا ذَكَرْنَاه، كالصّاعِ الواجِبِ في الفِطْرَةِ. ويَكْفِي فيه أدْنَى ما يَقَعُ عليه اسمُ الجَيِّدِ. ولا فَرْق بين أنْ تكونَ قيمَةُ التَّمْرِ أقَلَّ مِن قِيمَةِ الشاةِ أو أكْثَرَ أو مِثْلَها. نَصَّ عليه. وليس فيه جَمْعٌ بين البَدَلِ والمُبْدَلِ؛ لأنَّ التَّمْرَ بَدَلُ اللَّبَنِ، قَدَّرَهُ الشَّارِعُ به، كما قَدَّرَ في يَدَي العَبْدِ قيمَتَه، وفي يَدَيهِ ورِجْلَيهِ قِيمَتَه مَرَّتَينِ، مع بقاءِ العَبْدِ على مِلْكِ السَّيِّدِ. وإنْ عَدِمَ التَّمْرَ في مَوْضِعِه، فعَلَيه قِيمَتَه في مَوْضِعِ العَقْدِ؛ لأنَّه بمَنْزِلَةِ عَينٍ أَتلَفَها، فَيَجِبُ عليه قِيمَتُها.
فصل: ولا فَرْقَ بينَ النَّاقَةِ والبَقَرَةِ والشَّاةِ فيما ذَكَرْنا. وقال داودُ: لا يَثْبُتُ الخِيارُ بتَصْرِيَةِ البَقَرَةِ؛ لأنَّ الحَدِيثَ:«لا تُصَرُّوا الإِبِلَ والغَنَمَ». فَدَلَّ على أنَّ ما عَداهُما بخِلافِهما، ولأنَّ الحُكْمَ ثَبَتَ فيهما بالنَّصِّ، والقِياسُ لا تَثْبُتُ به الأَحْكَامُ. ولَنا، عُمُومُ قَوْلِه:«مَنِ اشْتَرَى مُصَرَّاةً». و «مَنِ ابْتَاعَ مُحَفَّلَةً»(١). ولم يُفَصِّلْ. والخَبَرُ