للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْفَسْخُ.

ــ

صاحِبِه، أُقِرَّ العَقْدُ، وإلَّا فلِكُلِّ واحِدٍ منهما الفَسْخُ) إذا تَحَالفَا، لم يَنْفَسِخِ البَيعُ بنَفْسِ التَّحَالُفِ (١)؛ لأنَّه عَقْدٌ صَحِيحٌ، فلم يَنْفَسِخْ باخْتِلافِهِما وتَعارُضِهِما في الحُجَّةِ، كما لو قامَتِ البَيِّنَةُ لكُلِّ واحِدٍ منهما، لكن إنْ رَضِيَ أحَدُهما بما قال الآخَرُ، أُجْبِرَ الآخَرُ عليه، وأُقِرَّ العَقْدُ بينهما، وإن لم يَرْضَ واحِدٌ منهما، فلِكُلِّ واحِدٍ منهما الفَسْخُ. هذا ظاهِرُ كلامِ أحمدَ. ويَحْتَمِلُ أنْ يَقِفَ الفَسْخُ على الحاكِمِ. وهو ظاهِرُ مَذْهَبِ الشّافِعِيِّ؛ لأنَّ العَقْدَ صَحِيحٌ، وأحَدُهُما ظالِمٌ، وإنّما يَفْسَخُه الحاكِمُ؛ لتَعَذُّرِ إمْضَائِه في الحُكْمِ، أشْبَهَ نِكاحَ المَرأَةِ إذا زَوَّجَها الوَلِيَّانِ وجُهِلَ السابِقُ منهما. ولَنا، قولُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «أو يَتَرَادَّانِ البَيعَ». وظاهِرُه اسْتِقْلالُهما بذلك. ورُوِيَ أنّ ابنَ مَسْعُودٍ باعَ الأشْعَثَ بنَ قَيسٍ رَقِيقًا مِن رَقِيقِ الإِمارَةِ، فقال عبدُ اللهِ: بِعْتُكَ بعِشْرِينَ ألْفًا. وقال الأشْعَث: شَرَيتُ منك بعَشَرَةِ آلافٍ. فقال عبدُ اللهِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا اخْتَلَفَ المُتَبَايِعَانِ وليس بَينَهُمَا بَيِّنَةٌ، والبَيعُ قائِمٌ بعَينِه، فالقَوْلُ قولُ البائِعِ، أو يَتَرَادَّانِ البَيعَ». قال: فإنِّي أرُدُّ البَيعَ. رَواهُ سَعِيدٌ (٢).


(١) في م: «التخالف».
(٢) تقدم تخريجه في صفحة ٤٦٤.