أوْلَى أنْ يَمْنَعَ التَّسْلِيمَ؛ لأنَّ المَنْعَ أسْهَلُ مِن الرَّفْعِ، والمَنْعُ قبلَ التَّسْلِيمِ أسْهَلُ مِن المَنْعِ بَعْدَه، ولذلك مَلَكَتِ المَرْأَةُ مَنْعَ نَفْسِها مِن التَّسْلِيمِ قبلَ قَبْضِ صَداقِها، ولم تَمْلِكْه بعدَ التَّسْلِيمِ، على أحَدِ الوَجْهَينِ. وكُلُّ مَوْضِعٍ قُلْنا: له الفَسْخُ. فإنَّه يَفْسَخُ بغيرِ حُكْمِ حاكِمٍ؛ لأَنَّه فَسْخٌ للبَيعِ لتَعَذُّرِ ثَمَنِه، فمَلَكَّهُ البائِعُ، كالفَسْخِ في عَينِ مالِه إذا أفْلَسَ المُشْتَرِي. وكُلُّ مَوْضِعٍ قلنا: يُحْجَرُ عليه. فذلك إلى الحاكِمِ؛ لأَنَّ ولايةَ الحَجْرِ إليه.
فصل: فإن هَرَبَ المُشْتَرِي قَبْلَ وَزْنِ الثَّمَنِ، وهو مُعْسِرٌ، فللبَائِع الفَسْخُ في الحال؛ لأَنَّه يَمْلِكُ الفَسْخَ مع حُضُورِه، فمَعَ هَرَبِه أوْلَى. وإن كانَ مُوسِرًا، أَثْبَتَ البائِعُ ذلك عند الحاكِمِ، ثم إنْ وَجَدَ الحكمُ له مالًا قضاه، وإلَّا باعَ المَبِيعَ، وقَضَى ثَمَنَه منه، وما فَضَلَ فللمُشْتَرِي، وإنْ أَعْوَزَ، ففي ذِمَّتِه. قال شَيخُنا (١): ويَقْوَى عِنْدِي أنّ للبائِعِ الفَسْخَ بكُلِّ حالٍ؛ لأنَّا أَبَحْنَا له الفَسْخَ مع حُضُورِه إذا كان الثَّمَنُ بَعِيدًا عن البَلَدِ؛ للضَّرَرِ في التَّأْخِيرِ، فههنا مع العَجْزِ عن الاسْتِيفاءِ بكُلِّ حالٍ أوْلَى. ولا