ولا مَوْزُونٍ يجوزُ بَيعُه قبلَ قَبْضِه. وقال القاضِي وأصحابُه: المرادُ بالمَكِيلِ والمَوْزُونِ والمَعْدُودِ، ما ليس بمُتَعَيِّن، كالقَفِيزِ مِن صُبْرَةٍ، والرَّطْلِ من زُبْرَةٍ (١)، فأمّا المُتَعَيِّنُ فيَدْخُلُ في ضَمانِ المُشْتَرِي، كالصُّبْرَةِ يَبِيعُها مِن غيرِ تَسْمِيَةِ كَيلٍ. وقد نُقِلَ عن أحمدَ نحوُ ذلك، فإنَّه قال في رِوَايَةِ أبي الحارِثِ، في رَجُلٍ اشْتَرَى طَعامًا، فطَلَبَ مَن يَحْمِلُه، فرَجَعَ وقد احْتَرَقَ: فهو من مالِ المُشْتَرِي. وذكَرَ الجُوزْجَانِيُّ عنه في مَن اشْتَرَى ما في السَّفِينَةِ صُبْرَةً، ولم يُسَمِّ كَيلًا: فلا بَأْسَ أنْ يَشْتَرِكَ فيها، ويَبِيعَ ما شاءَ، إلَّا أنْ يكونَ بينهما كَيلٌ، فلا يُوَلِّي حتى يُكَال عليه. ونحوَ هذا قال مالِكٌ، فإنّه قال فيما بِيِعَ من الطّعامَ مُكَايَلَةً أو مُوَازَنَةً: لم يَجُزْ بَيعُه قبلَ قَبْضِه. وما بِيعَ مُجَازَفَةَ، أو بِيعَ من غيرِ الطّعامِ مُكَايَلَةً أو مُوازَنَةً: جازَ بَيعُه قبلَ قَبْضِه. وَوَجْهُ ذلك، ما رَوَى الأَوْزَاعِيُّ، عن الزُّهْرِيِّ، عن حَمْزَةَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ، أنّه سَمِعَ عبدَ اللهِ بنَ عمرَ يقولُ: مَضَتِ السُّنَّةُ أنَّ ما أدْرَكَته الصَّفْقَةُ حَيًّا مَجْمُوعًا، فهو مِن مالِ