. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بالقِياسِ على أنَّ الرِّبَا فيها بعِلَّةٍ، وأنَّه يَثْبُتُ في كُلِّ ما وُجِدَت فيه عِلَّتُها؛ لأنَّ القِياسَ دَلِيلٌ شَرْعِيّ، فيَجِبُ اسْتِخْرَاج عِلَّةِ هذا الحُكْمِ وإثْبَاتُه حَيثُ وُجِدَتْ عِلَّتُه. ولأنَّ قولَ الله تِعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}. يَقْتَضِي تَحْرِيمَ كُلِّ زِيَادَةٍ، إذ الرِّبَا في اللُّغةِ الزِّيادةُ، إلَّا ما أجْمَعْنا على تَخْصِيصِه. وهذا يُعارِضُ ما ذَكَرُوه. ثم اتَّفَقَ أهلُ العلمِ على أنَّ رِبا الفَضْلِ لا يَجْرِى إلَّا في الجِنْسِ الوَاحِدِ، إلَّا سَعِيدَ بنَ جُبَير، فإنّه قال: كُلُّ شَيئَينِ يَتَقَارَبُ الانْتِفَاعُ بهما لا يَجُوزُ بَيعُ أحَدِهما بالآخَرِ مُتَفَاضِلًا، كالحِنْطَةِ والشَّعِيرِ، والتَّمْرِ والزَّبيبِ، والذُّرَةِ والدُّخْنِ؛ [لأنَّهما يَتَقَارَبُ نَفْعُهُما، فجَرَيا] (١) مَجْرَى نوْعَىِ الجِنْسِ. وهذا مُخَالِفٌ لقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «بيعُوا الذَّهَبَ بالفِضَّةِ كيفَ شِئْتُم يَدًا بِيَدٍ، وبيعُوا التَّمْرَ بالبُرِّ كيفَ شِئْتُم». فلا يُعَوَّلُ عليه. واتَّفَقَ المُعَلِّلُونَ على أنَّ عِلَّةَ الذَّهَب والفِضَّةِ واحِدَةٌ، وعِلَّةَ الأعْيَانِ الأرْبَعَةِ واحِدَةٌ، ثمَّ اخْتَلَفُوا في عِلَّةِ كُلِّ واحِدٍ منهما، فرُويَ عن أحمدَ في ذلك ثلاثُ رِوَايَاتٍ، أشْهَرُهُنَّ أنَّ عِلَّةَ الرِّبَا في الذَّهَبِ والفِضَّةِ كَوْنُه مَوْزُونَ جِنْس، وعِلَّةَ الأعْيَانِ الأرْبَعَةِ كَوْنُه مَكِيلَ جِنْسٍ. نَقَلَها عن أحمدَ الجماعَةُ، وذَكَرَها الخِرَقِيُّ، وابنُ أبي مُوسَى، وأكثَرُ الأصْحَابِ. وبه قال النَّخَعِيّ، والزُّهْرِيّ،
(١) في م: «لأنها يتقارب نفعها فجرى».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute