للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

سَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ. وهو قَدِيمُ قَوْلَي الشَّافِعِيِّ؛ لِما رُوِيَ عن سَعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: «لا رِبًا إلَّا فيما كِيلَ أو وُزِنَ ممّا يُؤْكَلُ أو يُشْرَبُ» أخْرَجَه الدّارَقُطْنِيُّ (١)، وقال: الصَّحِيحُ أنَّه من قَوْلِ سعيدٍ، ومَنْ رَفَعَه فقد وَهَمَ. ولأنَّ لكلِّ واحدٍ مِن هذه الأوصافِ أثرًا، والحكمُ مقرونٌ بجميعِها في المنصوصِ عليه، فلا يَجُوزُ حذفُه. ولأنَّ الكَيلَ والوَزْنَ والجِنْسَ لا يَقْتَضِي وجوبَ المُماثَلَةِ، وإنّما أثَرُه في تَحْقِيقِها، و (٢) العِلَّةُ ما يَقْتَضِي ثُبُوتَ الحُكْمِ، لا ما تَحَقَّقَ شَرْطُه، والطَّعْمُ بمُجَرَّدِه لا تَتَحَقَّقُ المُماثَلَةُ به؛ لعَدَمِ المِعْيَارِ الشَّرْعِيِّ فيه، وإنّما تَجِبُ المُماثَلَةُ في المِعْيارِ الشَّرْعِيِّ، وهو الكَيلُ والوَزْنُ، ولهذا وجَبَتِ المُسَاوَاةُ في المَكِيلِ كَيلًا، وفي المَوْزُونِ وَزْنًا، فَوَجَبَ أن يَكُونَ الطَّعْمُ مُعْتَبَرًا في المَكِيلِ والمَوْزُونِ دُونَ غَيرِهما. والأحَادِيثُ الوَارِدَةُ في هذا البابِ يَجِبُ الجَمْعُ بينها، وتَقْيِيدُ كُلِّ واحِدٍ منها بالآخَرِ، فنَهْيُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عن بَيعِ الطّعامِ إلَّا مِثْلًا بمِثْلٍ، يَتَقَيَّدُ بما فيه مِعْيارٌ شَرْعِيٌّ من كَيلٍ أو وَزْنٍ، ونهْيُه عن بَيعِ الصّاعِ بالصّاعَينِ، يَتَقَيَّدُ بالمَطْعُومِ المَنْهِيِّ عن التَّفاضُلِ فيه. وهذا اخْتِيَارُ شَيخِنا. وقال مالِكٌ: العِلَّةُ القُوتُ، أو ما يَصْلُحُ به القُوتُ من جِنْسٍ واحِدٍ من المُدَّخَراتِ. وقال رَبِيعَةُ: يَجْرِي


(١) في: كتاب البيوع. سنن الدارقطني ٣/ ١٤.كما أخرجه الإمام مالك، في: باب بيع الذهب بالفضة تبرا وعينا، من كتاب البيوع. الموطأ ٢/ ٦٣٥.
(٢) في م: «في».