أجْزَاءَه قد تَفَرَّقَتْ بالطَّحْنِ وانْتَشَرَتْ، فَيَأْخُذُ من المِكْيالِ مَكانًا كَبِيرًا، والحَبُّ يأخُذُ مكانًا صَغِيرًا، والوَزْنُ يُسَوِّي بَينَهُما. وبهذا قال إسحاق. ولَنا، أنَّ بَيعَ الحَبِّ بالدَّقِيقِ بَيع لمالِ الرِّبَا بجِنْسِه مُتَفَاضِلًا، فَحَرُمَ، كبَيعِ مَكِيلَةٍ بِمَكِيلَتَينِ؛ وذلك لأنَّ الطَّحْنَ قد فَرَّقَ أجْزَاءَه، فيَحْصُلُ في مِكْيالِه دونَ ما يَحْصُلُ في مِكْيَالِ الحَبِّ، وإنْ لم يَتَحَقَّقِ التَّفَاضُلُ، فقد جُهِلَ التَّماثُلُ، والجَهْلُ بالتَّمَاثُلِ كالعِلْمِ بالتَّفَاضُلِ فيما يُشْتَرَطُ التّماثُلُ فيه، ولذلك لم يَجُزْ بَيعُ بَعْضِه بِبَعْض جُزافًا، والتَّسَاوي في الوَزْنِ لا يَلْزَمُ منه التَّسَاوي في الكَيلِ، والحَبُّ والدَّقِيقُ مَكِيلَانِ؛ لأنَّ الأصْلَ الكَيلُ، ولم يُوجَدْ ما يَنْقُلُ عنه، ثم لو ثَبَتَ أنَّ الدَّقِيقَ كان مَوْزُونًا، لم يَتَحَقَّقِ التَّماثُلُ؛ لأنَّ المَكِيلَ لا يُقَدَّرُ بالوَزْنِ، لا يُقَدَّرُ المَوْزُونُ بالكَيلِ.
فصل: ولا يَجُوزُ بيعُ الحَبِّ بالسَّويقِ. وبه قال الشَّافِعِيُّ. وحُكِيَ عن مالِكٍ، وأَبِي ثَوْرٍ جَوازُ ذلك مُتَماثِلًا ومُتَفَاضِلًا. ولَنا، أنَّه بَيعُ الحَبِّ