فصل: ويَجُوزُ بَيعُ الخُبْز بالخُبْز وَزْنًا، وكذلك النَّشاءُ بنَوْعِه، إذا تَسَاوَيَا في النَّشَافَةِ والرُّطُوبَةِ. ويُعْتَبَرُ التَّسَاوي في الوَزْنِ، لأنَّه يُقَدَّرُ به عادَةً، ولا يُمْكِنُ كَيلُه. وقال مالِكٌ: إذا تَحَرَّى المُمَاثَلَةَ، فلا بَأْسَ به وإنْ لم يُوزَنْ. وبه قال الأوْزَاعِيُّ، وأبو ثَوْرٍ. وحُكِيَ عن أبي حَنِيفةَ: لا بَأْسَ به قُرْصًا بقُرْصَينِ. وقال الشّافِعِيُّ: لا يَجُوزُ بَيعُ بَعْضِه بِبَعْض بحالٍ، إلَّا أنْ يَيبَسَ ويُدَقَّ دَقًّا ناعِمًا ويُباعَ بالكَيلِ، ففيه قَوْلانِ؛ لأنَّه مَكِيل، ويَجبُ التَّسَاوي فيه، ولا يمكِنُ كَيلُه، فَتَعَذَّرَتِ المُسَاوَاةُ فيه، ولأنَّ في كُلِّ واحِدٍ منهما مِن غيرِ جِنْسِه، فلم يَجُزْ بَيعُه، كالمَغْشُوشِ مِن الذَّهَبِ والفِضَّةِ وغَيرِهما. ولَنا على وُجُوبِ التَّسَاوي، أنَّه مَطْعُومٌ مَوْزُونٌ، فَحَرُمَ التَّفَاضُلُ بَينَهُما، كاللَّحْمِ واللَّبَنِ. ومتى وَجَبَ التَّسَاوي، وَجَبَتْ مَعْرِفَةُ حَقِيقَةِ التَّسَاوي في المِعْيَارِ الشَّرْعِيِّ، كالحِنْطَةِ بالحِنْطَةِ، والدَّقِيقِ بالدَّقِيقِ. ولَنا على الشّافِعِيِّ، أنَّ مُعْظَمِ نَفْعِه في حالِ رُطُوبَتِه، فجازَ بَيعُه به، كاللَّبَنِ باللَّبَنِ. ولا يَمْتَنِعُ أنْ يكون مَوْزُونًا أصْلُه مَكِيلٌ، كالأدْهانِ. ولا يجوزُ بَيعُ الرَّطْبِ باليابِسِ، لانْفِرَادِ أحَدِهما