ووَجْهُ الوَجْهَينِ ما ذَكَرْنَا في المسألةِ قَبْلَها. واخْتَارَ القاضِي المَنْع، وفَرَّقَ بَينَهما وبَينَ الشَّاةِ ذاتِ اللَّبَنِ بكَوْنِ الثَّمَرَةِ يَصِحُّ إفْرادُها بالبَيعِ، وهي مَعْلُومَة، بخِلافِ اللَّبَنِ في الشَّاةِ. وهذا الفرقُ غيرُ مُؤثِّرٍ، فإنّ ما يَمْنَعُ إذا جازَ إفرادُه، يَمْنَعُ وإنْ لم يَجُزْ إفْرادُه، كالسَّيفِ المُحَلَّى يُباعُ بجِنْسِ حِلْيَيه، وما لا يَمْنَعُ، لا يَمْنَعُ وإنْ جازَ إفْرادُه، كمالِ العَبْدِ.
فصل: وإنْ باعَ دارًا سَقْفُفَا مُمَوَّهٌ بذَهَبٍ، أو دارًا بدارٍ مُمَوَّهٌ سَقْفُ كُلِّ واحِدَةٍ منهما، جازَ؛ لأنَّ ما فيه الرِّبَا غيرُ مَقْصُودٍ بالبَيعِ، فوُجُودُه كعَدَمِه. وكذلك لو اشْتَرَى عَبْدًا له مالٌ، فاشْتَرَطَ ماله، وهو من جِنْسِ الثَّمَنِ، جازَ، إذا كان المالُ غيرَ مَقْصُودٍ، فهو كالسَّقْفِ المُمَوَّهِ، ولو اشْتَرَى عَبْدًا بعَبْدٍ، واشْتَرَطَ كلُّ واحِدٍ منهما مال العَبْدِ، جازَ أيضًا، إذا كان المالُ غيرَ مَقْصُودٍ.
فصل: وإنْ باعَ جِنْسًا فيه الرِّبَا بجِنْسِه، ومع كُلٍّ واحِدٌ فن غيرِ جِنْسِه غيرُ مَقْصُودٍ، فهو على أقسَام؛ أحدُها، أنْ يكونَ غيرُ المَقْصُودِ يَسِيرًا لا يُؤثِّرُ في كَيل ولا وَزْنٍ، كالمِلْحِ فيما يُعْمَلُ فيه، وحَبَّاتِ الشَّعِيرِ في الحِنْطةِ، فلا يَمْنَعُ؛ لأنَّه يَسِيرٌ لا يُخِلُّ بالتّمَاثلِ، وكذلك لو وُجِدَ في أحَدِهما دونَ الآخرِ، لم يَمْنَعْ؛ لذلك، ولو باعَ ذلك بجِنْسِ غيرِ المَقْصُودِ الذي معه، كبَيعِ الخُبْزِ بالمِلْحِ، جَازَ؛ لأنَّ وُجُودَ ذلك كعَدَمِه. الثاني، أنْ يكون غيرُ المَقْصُودِ كَثِيرًا، إلَّا أنَّه لمَصْلَحَةِ