للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لِما فيه من التَّغْرِيرِ بالمُسْلِمِينَ، وعلى هذا يُحْمَلُ مَنْعُ عمرَ بَيعَ نُفايَة بَيتِ المالِ؛ لِما فيه من التَّغْرِيرِ، فإنَّ مُشْتَرِيَها رُبَّما خَلَطَها بدَراهِمَ جَيِّدَةٍ، واشْتَرَى بها ممَّنْ لا يَعْرِفُ حالها، ولو كانت ممّا اصْطَلَحُوا على إنْفاقِه، لم تَكُنْ نُفايَةً. فإنْ قيلَ: رُوِيَ عن عمرَ أنَّه قال: مَنْ زَافَتْ عليه دَرَاهِمُه فَلْيَخْرُجْ بها إلى البَقِيع، فَلْيَشْتَرِ بها سَحْقَ الثيابِ (١). وهذا دَلِيل على جَوَازِ إنْفَاقِ المَغْشُوشَةِ التي لم يُصْطَلَحْ عليها. قُلْنا: قد قال أحمدُ: مَعْنَى زَافَتْ عليه دَرَاهِمُه. أي نُفِيَتْ، ليس أنَّها زُيُوفٌ. ويَتَعَيَّنُ حَمْلُه على هذا، جَمْعًا بينَ الرِّوَايَتَينِ عنه. ويَحْتَمِلُ أنه أرادَ ما ظَهَرَ غِشُّه وبانَ زَيفُه بحيث لا يَخْفَى على أحدٍ، ولا يَحْصُلُ بها تَغْرِيرٌ. وإنْ تَعَذَّرَ تَأويلُها، تَعارَضَتِ الرِّوَايَتَانِ عنه، ويُرْجَعُ إلى ما ذَكَرْنا من المَعْنَى. ولا فَرْق بينَ ما كان غِشُّه يبقَى؛ كالنُّحَاسِ والرَّصاصِ، وما لا ثَباتَ له؛ كالزَّرْنيخِيَّةِ والأنْدَرانِيَّةِ، وهو زِرْنيخٌ ونُورَةٌ يُطْلَى عليه فِضَّةٌ فإذا دَخَلَ النّارَ استُهْلِكَ الغِشُّ وذَهَب.


(١) سحق الثياب: الخلق البالي.